مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: ليست قائمة طعام!!

(حقوق الإنسان ليست قائمةَ طعام ننتقي منها ما نحب)!! كانت هذه المقولة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بمثابة عُود الثقاب الذي ألقاه على النار؛ ليرى الجميعُ حقيقةَ ما يفعله الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، كما يفضح بها حقيقة تعامل هذا الكيان مع القوانين الدولية وفي مقدمتها وثيقة حقوق الإنسان.

فبعد خمسة وعشرين يومًا من الحرب على قطاع غزة، خمسة وعشرين يوما من المجازر والجرائم المنافية للطبيعة البشرية، خمسة وعشرين يوما من الصمود والثبات من الفلسطينيين، أطفالا ونساءً وشيوخًا، كانوا فيها رجالًا عن حق وسندًا للمقاومة، كذلك بعد خمسة وعشرين يومًا من الخذلان والصمت من بعض من يُسمون أنفسهم إخوة!! قالها (جوتيريش) لترينا قبح هذا العالم الذي نعيش فيه! العالَم الذي يعطي الحق في القتل والتدمير وارتكاب أبشع المجازر تحت مسمى حق الدفاع عن النفس، العالَم الذي يُكبل الضحية ويحرمها حتى من صوتها للدفاع عن نفسها ويعاقبها لمجرد المطالبة بحقوقها، العالَم الذي يُزايد فيه بعضُ الإخوة على بعضهم، تاركين الدارَ تُدَكُّ أعمدتُها لتسقطَ على رؤوسهم جميعًا!

أَعلمُ أن التورية هنا لا تُجدي، لأن الوجوه تكشفت والنوايا افتضحت وأمسى القاصي والداني يدرك أبعاد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ونوايا مَن يحركون دفته داخليا وخارجيا، فلا القضية تحتاج الشرح، ولا الحقيقة ينقصها الدفاع، بل ما نفتقر إليه _ عن حق _ النخوةُ والوَحدةُ والدهاء.

كيف لأمةٍ إسلامية _ وليست عربيةً فقط _ تتعامل بهذا الوهن والضعف مع اغتصاب حقوقها وانتهاك مقدساتها وتجويع أبنائها وذبحهم بدمٍ بارد؟!! حتى الإدانة أصبحت ثقيلةً على الألسن، لم تَخرج من البعض إلا (بعد الهنا بسنة) كما نقول نحن المصريين!!

بماذا نحن مقيدون؟!! هل نخاف الفقر وعندنا من الثروات الطبيعية ما لا يمتلكه غيرنا؟! أم نخاف من نقص العدد، ونحن غثاء كغثاء السيل؟! أم من الموت، وقتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟!

لقد تركْنا الضباعَ تجوث في ديارنا فخرَّبتْ ما خرَّبتْ ونهَبتْ ما نهبتْ واستعبدتْ من استعبدت، ليملك أمرنا أشباهُ رجال، نسوا الله وقضيتَهم، فأنساهم الله أنفسَهم!! لذا ننتظر ملائكةَ السماء لتدافعَ عنا، والطيرَ الأبابيل لتنصرنا، و(جوتيريش) ومن مثله ليفضحَ ظالمَنا!! ومُن هنا أقول لك يا (جوتيريش): نحن من نرتكب كل يوم مجزرةً في فلسطين وليس الصهاينة!! أو كما قال الإمامُ الشافعي: نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا // وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانَ بِغَيرِ ذَنبٍ // وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا !!

زر الذهاب إلى الأعلى