مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب : لف وارجع تاني

0:00

لمًا تكون ماشي في طريق غلط من الطبيعي لما تكتشف خطأك إنك تلف وترجع مرة ثانية لنقطة البداية .كلام منطقي ، لكن عندما يتحول هذا الأمر إلى أسلوب حياة هنا تكمن المشكلة .

من عدة أيام شاهدت فيديو على السوشيال ميديا لواحدة من أخصائيات التغذية يناقش فكرة مهمة وهي : عدم ثبات صحة أي نتيجة تم التوصل لها مؤخرًا -ومؤخرا هنا تعني خلال العقدين الماضيين بالتحديد -ففي مجالها أوضحت أنه عندما تؤكد دراسات أهمية الألياف للجسم ، تخرج دراسات موازية تحذر من خطورتها على الصحة، ومع التوجيه لاحتياج الإنسان للفيتامينات ، تصدمك نتائج أبحاث بتأثيرها الخطير على القلب وافرازات الغدة الدرقية ، ولايغيب عن الصورة هنا التخبط البيَّن حول أنظمة الريچيم المختلفة ومدى تأثيرها على الجسم ، لتعلن في نهاية الفيديو أنه لا حقيقة ثابتة ، كلٌ تم دحضه بدراسات وبحوث مماثلة لتلك التي أثبتت كفاءته من قبل .

وهنا يبدأ الجدال العقيم في حياتنا من أول السؤال : هل القهوة صحية أم لا ؟ وحتى الوصول لإنكار فرضية أن الأرض كروية !! ، والغريب أن كلا الطرفين له حجج وبراهين واضحة كوضوح شمس أغسطس الحارقة .
واستمرارًا لهذه الدوامة من إطلاق الحقائق ثم نفيها سأكتب لكم اليوم عن آخر ترند وهو (استخدام الأكواب الورقية) فبعد تصاعد التحذير من خطورة المواد البلاستيكية على الصحة والبيئة ، ظهرت المنتجات الورقية كبديل صحي وآمن للاستخدام ، واستند مناصرو هذا التوجه إلى سهولة تدويرها وأنها صديقة البيئة؛فهي منتجة من الأشجار ، وإذ بنا فجأة بعد أن أصبحت الأكواب والأطباق الورقية مكون رئيسي في المقاهي والمطاعم والمنازل ، ترتفع موجة من التحذيرات عن خطورة كل ما هو ورقي على الصحة والسبب : احتواء هذه المنتجات على طبقة رقيقة من البلاستيك لمنع تسرب السوائل، وهذه الطبقة تجعل من الصعب إعادة تدويرها، ووجود مواد كيميائية ضارة بداخلها مثل البولي إيثيلين والبولي بروبيلين، التي قد تتسرب إلى المشروبات الساخنة وتؤثر على الصحة ، بل وتسبب السرطان .
وأضف إلى ذلك أنها تستنفذ الرقعة الخضراء على كوكب الأرض ، فصناعتُها من الأشجار تساهم في قطع المزيد منها كل ثانية وبالتالي تدهور النظام البيئي وارتفاع معدلات الاحتباس الحراري .

إذن هي شرٌ مستطير لذا يجب العودة وبسرعة إلى الأكواب الزجاجية والكوز الاستانليس وكفانا أكواب ورقية . أنا موافقة وأبصم بالعشرة ولكن مع الاحتفاظ بباكيت أو اثنين من الأكواب الورقية ، لعله غدًا أو بعد غد تخرج علينا نفسُ ذات المصادر لتؤكد صحةَ وأمان كلِ ما هو ورقي على البيئة والإنسان ، وبالتالي سنجد أنفسنا بنلف ونرجع تاني .

زر الذهاب إلى الأعلى