راندا الهادي تكتب : فَرط إيموچي
منذ أن خرجت علينا السوشيال ميديا من حيث ندري ، وأمست وسيلة من وسائل التواصل بين البشر على كوكب الأرض ونحن نناقش مميزاتها وعيوبها ونتحدث عن مخاطر التواصل عبرها وإمكانيات المستقبل من خلالها ، والحديث والنقاش لا ينقطع ؛ لأنها ببساطة مازالت تحوز نصيب الأسد من استهلاكنا الزمني كل يوم ، لا تجاريها في ذلك وسيلة أخرى حتى الآن .
لذا كان حديثنا اليوم في هذا المقال واجب ومهم ، عندما كنا صغارا كانت تطرق أذاننا كلمات مثل : لسانك حصانك، فكر في الكلام قبل ما تقوله، الراجل كلمة، وهكذا الكثير سواء سمعناها مباشرة كنصائح وعظات لنا أو في جلسات العائلة أو من وسيلة ترفيهنا الأم وقتها وهي التلفزيون ، المقصود أننا سمعناها كثيرًا ، لكن في وقتنا الراهن لم تعد الكلمة وحدها حاملًا للمقصود من معاني ومشاعر ، فقد دخل على الخط معها الإيموچي .
هذه الصورة الدقيقة التي توضع وسط الكلام لتؤكد المعنى وأحيانا توضحه ومرات تقلبه رأسًا على عقب دون مقدمات ، لأنه ببساطة المراسلات أو ما يسمى (الشات)تفتقد لحركات الجسد ما يجعل كلامك منقوص المعنى .
أنا أعتبر الإيموجي من عبقريات التواصل عبر السوشيال ميديا ، وسببًا لا غبار عليه من أسباب شعبيته كوسيلة للتواصل عبر الأجهزة الذكية ، فإيموچي واحد يغنيك عن قصائد طويلة من الشعر أو ضرب مواعيد وتغريمك لعزومات قد لا تتحملها محفظتك حاليا لإيصال مشاعرك وما تريد .
وكذلك إيموچي واحد قد يكفيك لإسكات من أغضبك أو إهانته إذا لزم الأمر .
أين الخطورة إذن يا سادة؟ الخطورة تكمن في أمرين ، الأول فرط استخدام هذه الإيموچي ، والثاني الجهل به. جميعنا سمع عن اضطراب فرط الحركة الذي قد يولد به البعض ، هكذا هناك اضطراب فرط الإيموچي لدي البعض فتجده بين كل كلمة وأختها إيموچي -ما انزل الله به من سلطان – لتجد نفسك بالنهاية أمام نص مرقع بالأصفر يشبه إلى حد كبير فساتين الفوازير ل نيللي وشريهان ، أما الأمر الثاني وهو الجهل بمعنى الإيموچي فهذا طامة كبرى ، خاصة إذا علمت مثلا أن القلوب في الإيموچي ألوان وكل لون له معنى مثل ورود الفنان محمد فوزي بالظبط ، وكل وجه من الإيموچي يحمل معنى ورسالة فالوجه الغاضب له درجات والوجه المبتسم له العديد من النسخ المتباينة في معناها ، وهلم جرا ( وتعني تعالوا على هينتكم من غير شدة ولا صعوبة ) .
الخلاصة أسألوا لا تستحوا عن معنى الإيموچي قبل استخدامه ، أو على الأقل اضبطوا الأداء قليلًا لا داعي لهذا السيل من الإيموچي في رسائلكم بلا هدف ، وإذا ما صنّف العلم يومًا مرضًا نفسيًا باسم (فرط الإيموچي) فتذكروا أنني أول من أخرج هذا المسمى للنور ، لكم مني إيموچي مبتسم أحمر الخدود مع قلوب على الجوانب.