راندا الهادي تكتب: بصلة المحب!!
في السنواتِ الأخيرة شهِدنا العجب من ارتفاع الأسعار، لكنّ المصريين كعادتهم كانوا يجدون دوما البدائل، أو يتسلحون بالاستغناء، غيرَ أن ارتفاعَ الأسعار هذه المرة وجَّهَ للمصريين ضربةً في مقتل؛ حيث ارتفعت أسعارُ سلعةٍ لا تخلو منها مائدةٌ مصرية، فقيرة كانت أم غنية، إنه البصل يا سادة، الذي دفع الفنان (وائل كفوري) في لبنان _ التي تشهد أزمةَ بصل مماثلة _ إلى كتابة هذه الأبيات:
قديش صرنا يا بصل عم نشتهيك // غَلّيتْ سِعرك ع البشر، شو صار فيك؟! // كنا نِصفّي دموع لما نقشرك // صِرنا نِصفّي دموع حتى نشتريك!!
نعود لمصر، حيث لا تخلو مائدةٌ _ مهما اتسعت بأصنافها أو ضاقت بسبب ميزانية أصحابها _ من البصل، لتشهدَ وصولَ سعرِه إلى ما يزيد عن أربعين جنيهًا للكيلو الواحد!! رغم أننا من شهورٍ عدة كنا نتمتع باكتفاءٍ ذاتي من البصل، بل ونصدره لأكثرَ من خمسين دولةً على مستوى العالم.
وبالفعل أصبحت بصلة المُحِب… خروف!! وأمسى البصل _ كما التفاح _ عزيزًا على بيوت المصريين، ما دفع البعضَ لاستبداله بالبصل الأخضر، اضطرارًا بالطبع، لأن النكهة والطعم سينهاران بالتأكيد لأي طبخة، وبالرغم من أننا جربنا كشعبٍ صبور جنونَ أسعارِ الكثير من السلع كـ (اللحمة والفراخ والسمك والأرز والسكر والليمون و….. إلخ) ، إلا أن ضربة البصل كانت قاضية، خاصةً مع دخولنا فصلَ الشتاء المعروف بأكلاته (الحِرشة) الدافئة مثل (شوربة العدس والمحاشي والكشري والصواني) وغيرها من أطباق عمودُها الفِقري البصل!!
ما دفعني _ أنا المحبة للمطبخ وفن الطهي _ إلى البحث والتقليب بين المواقع المتخصصة والإخبارية عن أسباب هذه الأزمة وحدودها الزمنية فوجدتُ أن السببَ هو انخفاضُ مساحاتِ الأراضي المنزرعةِ بالبصل عن الموسم قبل الماضي لانخفاض سعره عن أقرانه من الخَضراوات التي جعلت زارعيها بين يومٍ وليلة من أصحاب المعالي (كالبطاطس مثلا)، كذلك لجوء بعض التجار الجشعين لتعطيش الأسواق خاصة بعد منع الدولة لتصديره، سعيًا للتحكم في سعره الذي زاد من أقل من عشرة جنيهات للكيلو في سبتمبر الماضي إلى أربعين جنيها في ديسمبر الحالي!!
ولكن لا تهلعوا سيعود سعرُه مرةً أخرى للانخفاض، والسبب مد الدولة لقرار منع تصديره لثلاثة أشهر أخرى، وكذلك بسبب بداية موسم حصاد المحصول الجديد، هذا ما أكده الخبراءُ الزراعيون وقسم بحوث البصل بوزارة الزراعة، لكن السؤال هنا: هل سيعود البصل إلى تسعيرته القديمة أم سنظل نبكِيه في الحضور والغياب؟!!
