مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب : الوسط الضائع

0:00

الوسط هو التوازن ، الأمان ، الثبات في أحيانٍ كثيرة ، لأنك بعيد عن التطرف سلبًا كان أو إيجابًا . انظر في نفسك وعاداتك اليومية ؛ التوسط في عدد ما تشرب من فناجين القهوة لن يسلمك إلى أمراض القلب ، التوسط في ممارسة الرياضة لن يسلمك إلى التهابات الأوتار والأربطة أو انفجار الأوعية الدموية ، حتى المشاعر التوسط فيها يجعلك في كرسي القيادة وليس بديلًا للعجلات .

والديانات السماوية جميعها رفضت التطرف بكل أشكاله حتى بالعبادات ،لأن الوسط منطقة آمنة تحافظ على الكيان ثابتًا بعيدا عن الصدمات ، سواءٌ كان هذا الكيان إنسانًا أو مجتمعًا أو عالمًا. غير أننا ومن فترة لا بأس بها أضعنا الوسط من بوصلة حياتنا مرة بإرادتنا ومرات أخرى بدون إرادة .

وإمعانا في التطرف الذي بات سمة مميزة لحياتنا سأتحدث هنا عن قصة قصيرة لكنها تحمل بين طياتها الكثير والكثير من الدلالات لمًا نحن ذاهبون نحوه أو ما نعيشه بالفعل ، حيث كانت إحدى البلوجرز المصريات المغرمة بالترحال والسفر تعرض للعديد من الأسئلة التى يوجهها لها المتابعون على صفحتها فتقول : يسألني الكثيرون لماذا لا تسافرين لبلادٍ عربية؟ هل الطبيعة عندنا ليست مثل أوروبا؟ هل السبب أن التسوق بأوروبا وأمريكا أفضل ؟أم أن السبب عقدة الخواجة؟ ، فأجابت البلوجر : أكثر ما يجذبني بالسفر أن أرى أُناسا على طبيعتها، يرتادون أماكن عادية ليست بالباهظة والمكلفة ، ففي الخارج لو جلست في جنينة أو على سُلم بإحدى الطرقات أو بجوار نافورة تجد الكل سعيد ومستمتع (وببلاش ) وإذا نظرت حولك لن تستطيع التمييز بين الوزير والغفير ، الجميع يرتدي ملابس محلية ولا يستعرض ممتلكاته من سيارات فارهة على جانبي الطريق .
وأكملت البلوجرز -وهنا سأنقل كلامها كما هو – لما بسافر عايزه أشوف ناس شبه بعض من غير فروقات رهيبة، اللي بيركب باص مش معناه إنه مش مقتدر …سواء لابس بدلة سواء لابس فستان كله عادي كله بيركب مواصلات مفيش عقد ولا كلاكيع …اللى بيعمل شوبنج في برايمارك مش معناه انه معهوش فلوس واللى بيروح هارودز ولافاييت مش معناه إنه غني، بسافر عايزه اشوف ناس طبيعية ناس من غير فيلر وبوتوكس وشفايف منفوخة وحاجات تانيه مش فهماها! إحنا بقينا اوڤر في التمثيل وال fakeness
،أنا بره بالنسبة لهم أوڤر لما بيشوفوني ماسكة موبايلين ..أنا بحب البساطة ..البساطة اللي مش موجودة عندنا نهائي . انتهى حديث البلوجرز المصرية عند هذا الحد ، وسأترك لكل من يقرأ الحق في تقييم ما وصلنا له بإرادتنا أو بدونها .

زر الذهاب إلى الأعلى