عرب وعالم

ذكريات الشعراء في الأمسية الثالثة لمهرجان الشارقة للشعر العربي

الشارقة: عطا عبد العال

شهد قصر الثقافة بالشارقة، مساء أمس الخميس، انطلاق فعاليات الأمسية الشعرية الثالثة لمهرجان الشارقة للشعر العربى بحضور عبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة بالشارقة، ومحمد القصير مدير إدارة الشئون الثقافية، والشاعر محمد البريكى مدير بيت الشعر، وجمع غفير من الشعراء والنقاد والمثقفين والإعلاميين محبى الشعر العربى الذين احتفوا بالقصيدة عبر تفاعلهم الإيجابي وحضورهم الحاشد في قاعة قصر الثقافة، وقدم الأمسية مخلص الصغير من المغرب، الذى رحب بالضيوف، وثمن عالياً جهود ومبادرات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لدعمه اللامحدود للثقافة والشعر العربي.
شارك فى إحياء فعاليات الأمسية سبعة من الشعراء، حلقت قصائدهم فى فضاءات الحب والانتماء والذكريات، ولامست كلماتهم وجدان الحضور ومشاعرهم وحنينهم وعشقهم للجمال والتميز.
افتتحت القراءات الشاعرة الإماراتية نجاة الظاهرى بقصيدة تفاؤلية عنوانها “أمل قد يتحقق”، قدمت فيها رؤية مغايرة للصورة السوداوية التي ألبست فيها قصائدها، فقالت: لن ينتهي العمرُ قبل الفرحةِ الكبرى
قبل الوصول إلى حلمي.. وذا الأحرى

إني سعيتُ.. وما زالت خطاي على
هذا الطريق تدوس الشوك، والزهرَ
إني بنيتُ وأعليتُ السلالم.. لم
أحفل بما قيل لي : “لن تبلغي الشِّعرى”
إني نثرتُ بذوري.. سوف أحصدُ ما
قد كنتُ أرعاهُ، صبراً تالياً صبرا

آمنتُ بالنورِ أصلاً لا شريكَ له
والحبَّ طرقاً، نجاةً، قوةً، نصرا

كل الحقائب في الأسفار أملؤها
به، وإن أثقلت لي القلب والظهرا

ومن المملكة العربية السعودية حضر الشاعر الدكتور عبدالله الخضير بحلة الشعر، ليسافر بالحضور إلى عالم الروح وتأمل الحياة بحروفه التي تعزف على موسيقا الجمال، فقرأ قصيدته “طفلٌ يقرأ المعلقة” فقال:

مَنْ يوقدُ النّارَ، تلكَ النّارُ تمنحني
جمر الغوايةِ في محراب صومعتي

ما كانَ صوتُ شهيقي لحظَ زفرتِها
إلاّ أنيناً تغنّى وسْطَ حُنجرتي

ما إن تنهدتُ حتى ضاقَ بي وجعي
وإن تنفّستُ خانتني معي رئتي

لولا صلاتي بجُنحِ الليل ما هدأتْ
روحي ، ولا أذَّنَتْ بالحبِّ مئذنتي

الشاعر عمر الأزمي من المغرب ثالث شعراء الأمسية، حلق بالحضور في مناخات أخيلته وصوره الشعرية وموشحاته الحزينة، واستطاع بحضوره على المنصة أن يلامس شغاف القلوب، وقرأ “فصل ختامي لموشح حزين” قائلا:
تَعثَّرْتُ في نبض الكمانِ وشجْوِهِ
تعثُّرَ طِفْلٍ ما بأوّلِ خَطْوِهِ

لأوتارهِ مشدودةً رحْتُ أنتمي
وأعشقُهُ في بُعْدِهِ أوْ دُنُوِّهِ

فإنْ ذبحتني سَحْبَةٌ قلْتُ يا دمي :
بربِّكَ لا تنْشفْ إذا لمْ تُرَوِّهِ

ستَرْكُضُ في العزْفِ الخيولُ جريئةً
لتأسرَ في الإيقاعِ قلْبَ عَدُوِّهِ

وقرأ الشاعر علي خالد العيثان من العراق قصائد عالية التصوير تتحلى بعمق اللغة والخيال وتتسم يإيقاعات خاصة، فاستهل بقصيدة حملت عنوان “مرآةُ الأسئلة” مخاطبًا ذاته أولا فقال:

هل أنت حقاً بخير يا أنا؟؟، فأنا
محدودب الظهر،عمري في نهايتِهِ

أشكو تسرب أوقاتي ، أحن إلى
حلمي الذي كان حلوًا في بدايتِهِ

صدري يضج بما في الروح من وجع
وجهي أضاع سنينًا من بشاشتِهِ

هل أنت حقًا بخير، قلتها وأنا
أراه يضحكُ يمضي في حكايتِهِ

لمَّا تزل غارقًا في العمر، ها أنا ذا
أراه جيشًا تهاوى عند رايتِهِ

أما الشاعر جعفر حجاوي من الأردن فقرأ قصائده متنقلاً بين العمود والتفعيلة، سابحاً في ملكوت الذات والعاطفة، وقال من قصيدة تفيض شوقاً ووجدا:
‏في القلبِ مُتّسَعٌ لأي خطيئةٍ أخرى
‏سوى ألّا أحبَّكِ
فامتحنّي أيها الحب امتحنّي ..
كي ترى ثقتي بوردة نرجس نبتت وحيدةْ
آمنتُ باللغةِ المصابَةِ بالبكاءِ وبالأسى
آمنتُ أنّ هويتي لغتي وحزني
كلّما ركضت بي الأيامُ
أدرِكُ أن شيئاً ما يضيعُ الذكرياتُ

الشاعر المصري أحمد حسن عبد الفصيل صعد المنصة بروحة الصوفية التي تفيض عطراً وشعرا، وقرأ للشارقة قصيدة صادقة المعنى، جميلة المبنى، تفيض محبة ووجدا، ومن قصيدة “واسطة العقد”:
كَـــــــــــــأَنَّ بِــــــــــــلادَ اللهِ دُرٌّ مُنَضَّـــــدٌ
لِعِقْــــدٍ عَلـَـــــى جِيدٍ فـَــــرَائـِـدَهُ يُبـْـــدِي
وَمـَــــا تـَـــمَّ حُسْـــــنُ العِقْـــــدِ إِلاَّ بِحُسْنِهَا
فَشَارِقَتِي فِـــي العِقْـــــدِ وَاسِطَةُ العِقْـــدِ
بِقَصْبَــائِهَــــا أَصْغَيْتُ وَالمـــوْجُ هَــــامِسٌ
لِبَـــوحِ قَنَـــــــــاةٍ نَـــــــــــاعِمِ الجَزْرِ وَالمَدِّ
هِيَ الحُبُّ قَد شَــــابَت عَلَيْهِ ذُؤَابَتِي
وَمَا شَابَ طِفْلُ القَلْبِ مِن أَوَّلِ العَهْدِ

واختتم القراءات الشاعر السوري حسن إبراهيم حسن والذى تميزت قصائده بطابعها الأليف في الصورة والخيال والتكثيف، فشذراته صنعت الدهشة، وإيجازاته كشفت عن مجازاته وتجلياته، وكان الوطن حاضراً بألمه وأمله، وقال في قصيدته “غمّازة”:
لقد تعبتْ سنابلنا،
لقد تعبتْ رحى الموتِ

فماذا لو نسينا الحر
بَ تنبحُ خارجَ البيتِ؟

لو انعَطَفَ الحديث بنا
إلى غمّازةِ البنتِ

إلى الخلخالِ، رنّتهُ
تُرَوِّضُ ذئبةَ الصمتِ

إلى لغةٍ تحنُّ إلى
رصاصةِ كَسْرةِ الـ (أنتِ)

إلى أسمائها الحسنى
تبلُّ حرائقَ الصوتِ

أليس الحبُّ قاتلَنا
الذي لا بدَّ أن يأتي

وما يبقى من الذكرى
سوى غمَّازةِ البنتِ؟

وفي ختام الأمسية تم توقيع ديوان الشخصية العربية المكرمة الشاعر الدكتور عارف الساعدي من العراق، ليسدل الستار عن رابع أيام مهرجان الشارقة للشعر العربي والذي انطلق يوم 8 يناير ويستمر حتى 14 يناير 2024، فى أجواء اتسمت بالجمال، فى سماء الإبداع برمزيتها العالية ومجازاتها المحلقة، لتبرز لوحات فنية متنوعة الأشكال، بحروف الشعراء والمبدعين العرب.

زر الذهاب إلى الأعلى