د.صابر حارص يكتب: يوميات صائم(7)
ما الرحم الذي يمكن أن تقطعه ومتى؟
تأتي الاجابة على هذا السؤال عبر دراسة اعتكفت عليها يومين خلاصتها في ستة تساؤلات والإجابة عليها
هل قاطع الرحم فعلا لا يدخل الجنة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث متفق عليه؟
وهل الله لا يقبل عمل قاطع رحم كما ورد في أحد الأحاديث الخاصة برفع أعمال بني آدم عشية كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم؟
وهل يمكن قطع الرحم المؤذي الحاقد تجنبا لضرره؟ وهل يغفر الله لقاطع الرحم؟ وهل الجهاد والشهادة في سبيل الله تكفر ذنوب قطع الرحم؟ ومن هو الرحم من الدرجة الأولى والثانية الذي لا يجب قطعه مهما حدث؟ ومن الرحم الذي يمكن قطعه حال الأذى في الدين أو الدنيا، وصلته مستحبة فقط وليست واجبة؟
يرى أهل العلم أن القاطع الذي لا يدخل الجنة هو
الذي يستحل القطيعة دون سبب أو شبهة ويعلم حرمتها، ويرى آخرون أن قطيعة الرحم حتى لو كانت بدون سبب أو شبهة سيدخل صاحبها الجنة ولكنه بعد أن يتطهر في النار بالقدر الذي يقدره الله
وهناك قولان لأهل العلم في تفسير أو تأويل أن الله لا يقبل عمل قاطع الرحم؛ حيث يرى بعضهم أنه لم يرد في الشرع أن قطيعة الرحم تحبط بقية الأعمال، وأن الأصل هو عدم حبوط العمل بالقطيعة، لقوله تعالى: وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ…. أي: ولن يحبطها أويبطلها أويسلبكم إياها، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئا
بينما استند آخرون على الحديث الذي تعرض فيه الأعمال عشية كل خميس ليلة جمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم، ولا يقصدون الكفر من حبط عمله بل زيادة في السيئات على الحسنات
وهناك أقوال في قطع الرحم المؤذي الكاره الحاقد: يرى الأول أن إساءة الأقارب لا تبيح قطيعتهم، قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها
ويرى الثاني أنه إذا ترتب على صلة الرحم ضرر محقق، فليست واجبة حينئذ
وينصح ثالث بالصبر على إيذائهم، وابتغاء المثوبة والجزاء الكبير من رب العالمين، أما إن كنت على يقين أنهم لن يَكُفُّوا عن الإساءة لك ولأهلك، فلتكن صلتك بهم بأدنى درجات الصلة، في المناسبات والأعياد، وتهنئتهم في أفراحهم، وعيادة مريضهم، ومواساتهم في مصابهم، ولو عن طريق الهاتف، لأن القطيعة بشكل كامل محرمة
وقول رابع يرى أن هناك رحم واجبة ورحم مستحبة، فالرحم الأول والثاني لا يجب قطيعتهم بأي حال وأما دون ذلك فصلتهم مستحبة
وقول خامس يجيز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت صلته تجلب نقصاً في الدين، أو مضرة في الدنيا، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية
ويغفر الله لقاطع الرحم لقوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ
أما الجهاد والشهادة في سبيل الله فلا تكفر ذنوب قطيعة الرحم لأن الشَّهِيد يُغْفَرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الدَّيْنَ أَو حقوق العباد، وقطيعة الرحم حق للعباد وهم الأرحام، إذ من حقهم أن تصلهم، فمن قطعهم فقد أضاع حقا من حقوقهم عليه
والرحم التي لا يجب قطعها هي رحم الدرجة الأولى: الأب والأم والابن والابنة وكذلك رحم الدرجة الثانية كالأخوة والجد والجدة والأحفاد
اما الرحم التي يمكن قطعها لضرر يقع من ورائها هي الرحم من الدرجة الثالثة كابن الأخ وابن الأخت والعم والعمة والخال والخالة
وكذلك الرحم من الدرجة الرابعة كابن العم وابن العمة وابن الخال وابن الخالة
وأيضا الرحم من الدرجه الخامسة كأقارب المصاهرة من أب وام الزوجين، ومع ذلك فهي رحم مستحبة