د.صابر حارص يكتب : يوميات صائم (4) الصدقات التي تحمل أوزارها
للصدقة آداب ربما تسببت في توزيرك وليس ثوابك اذا جهلتها؛ فالحفاظ على كرامة وحياء الفقراء وتوقيرهم وتقديرهم أثناء إعطائهم الصدقات أمر عظيم لا ينبغي الإخلال به تحت أي ظرف، لا تستهين بالفقراء أو مستحقي الصدقة وتتعامل معهم على أنهم بسطاء متواضعون يتقبلون أي سلوك من أجل الحصول على الصدقات
فحتى لو كانوا هم كذلك فليس هذا مبررا لأن تجرح مشاعرهم وتنتقص من كرامتهم وهيبتهم، وربما تحمل ذنبا ووزرا من ورائها، بل اعلم يا أخ الإسلام أن الصدقة تنفرد من بين الأعمال الصالحة بندم الموتى على تركها وتمنيهم العودة إلى الحياة ليتصدقوا، ورب العزة يقول: وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصَّدق وأكن من الصالحين
واحرص أخ الإسلام أن تؤدي الصدقات في الخفاء والسر، وألا تشعر أصحابها بأي تمييز أو فروق بينك وبينهم، لأن هذا يجعلها خالصة لوجه الله تعالى، وتجعلك من السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، كما أن إخفاء الصدقة يجعلها تطفئ غضب الرب، وعلاجا مضمونا للذنوب والمعاصي، وأعرف بعضا من الناس الذين اعتبرهم أذكياء يعالجون ذنوبهم ومعاصيهم بالإكثار من الصدقات حماية لهم من غضب الله
ومن آداب الصدقة أن تعلم أنها ليست منة أو فضلا منك على الفقراء بل هي حق الفقراء عندك، ودين للفقراء عليك، يجب أن تؤديه بأدب واحترام وتقدير، فقد أغناك الله عن السؤال ليختبرك في أداء حقوقه عليك لصالح المحتاجين والمساكين
ومن آداب الصدقة أن تتصدق بأحب ما لديك وأطيبه لأنك تؤديها لله خالقك ورازقك وصاحب النعم والفضل عليك، والله طيب لا يقبل إلا طيبا، والصدقة تقع في يد الله قبل أن تصل إلى يد الفقراء والمساكين
ومن آداب الصدقة أن تتصدق على الأقارب والمحتاجين وتختار الأوقات التي يضاعف فيها الأجر والثواب مثل أيامنا هذه، وأعظم الصدقات في تاريخ البشرية هي ثوب زفاف فاطمة الزهراء بنت رسول الله التي أعطته لسأئلة تريد ثوبا قديما لبنتها، فلما سألوا فاطمة لما لا تعطيها ثوبا قديما حتى يكون زفافك لعلي بن أبي طالب بثوب جديد فقالت: أما سمعتن قول الله “لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ”