د.صابر حارص يكتب: يوميات صائم (12)
الصيام أعلى من الأخلاق لماذا؟
الدين كله خلُق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين، هكذا يرى ابن القيم أن الأخلاق هي خلاصة الدين ومبتغاه وجوهره
بينما تنقل عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلىالله عليه وسلم (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجات الصائم القائم) أي أن الصوم أعلى مرتبة من الخلق..لماذا؟
لأن الصيام الحقيقي المقصود في الإسلام هو صوم الجوارح عن الذنوب وليس فقط الامتناع عن الأكل والشرب والجماع، فالصيام في رمضان وغيره هو الصوم عن المحرمات والإقبال على الطاعات وحسن المعاملات والسلوك مع خلق الله ومخلوقاته
الصوم مرتبة الأخلاق العليا لأنه منهج أخلاقي وسلوكي طوال العام وليس في رمضان فقط، أما الصيام فهو الفريضة الخاصة برمضان فقط، ويقصد بها الاثنين معا: صيام عن الشهوات للبطن والفرج، وصوم الجوارح عن المحرمات
ومن ثم فإن الفرق بين الصيام والصوم هو ان الصيام يكون عن المفطرات، والصوم يكون عن المحرمات، ولذلك استخدم رب العزة الكلمتين بمعنيين مختلفين: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام، والمعنى هنا: الإمساك عن الأكل والشرب والجماع من الفجر للمغرب وهو صيام الفريضة
أما الصوم فقد ورد في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والمعنى هنا الإمساك عن المحرمات وما يؤذي خلق الله، فالغيبة مثلا في رمضان لا تفطر صيامك، لكنها تفسد صومك
الخلاصة: لا تكن في رمضان من الصائمين صياما فحسب، بل كن من الصائمين صوما أيضا، فهناك فارق بين الصيام والصوم كما أوضحنا، وهذا نوع من الصيام الذي يجمع بين الاثنين هو الذي يغفر لك ما تقدم من ذنبك، فإذا كان الصوم مطلوبا طوال العام، فما أعظمه في صيام شهر رمضان، صوما يطهرك وينقيك ويجعلك تبدأ من جديد…صوموا رمضان صياما وصوما معا ..