مقالات الرأى

د. إيمان إبراهيم تكتب: بيت العيلة

بيت العيلة حيث الرعاية والحماية، والتوجيه، والدفء، والأهل، والأجواء العائلية الجميلة، التي سرعان ما نترك أحضانه لنرافق أحلامنا، ونحملها على عاتقنا بحثًا عن من يعيننا بعد الله على تحقيقها، وعندها ربما تدفعنا تلك الأحلام إلى ترك مسقط رأسنا بحثًا عن موطن آخر يساعدنا على تحقيقها. ربما نشد الرحال من مكان إلى مكان آخر داخل قلب العاصمة أو خارجه، وربما نقوم بمغادرة وطننا متوجهين إلى بلد آخر، تاركين خلفنا طفولتنا وذكرياتنا التي عشناها بين أحضان الأهل والأحباب.

وعندما نتذكر تلك الطفولة البريئة والقيم التي يجسدها الأهل في السلوك دون أن يتفوه بها أحدٌ منهم، والذكريات المفعمة بالحب والحنان، يخالطنا الشعور بالشجن والحنين والبسمة المرسومة على الشفاه، لتعطينا الأمل في العودة إلى تلك الأجواء. ومن ثم نقتنص الفرصة كلما استطعنا لزيارة العائلة لنستدعي ذكريات طفولتنا، لاسيما أننا استطعنا تحقيق ما نصبوا إليه، لتتولد بداخلنا رغبة جامحة في العودة إلى مسقط رأسنا وظل العائلة، حتى تكتمل الفرحة ونقوم بتتويج ما حققناه من نجاح بمشاركة الأهل والأحباب وافتخارهم بنا وسط حفاوة واستقبال له مذاق ورونق خاص لا شبيه له، حيث تعتريه البساطة ويغمره الحب والفخر منقطع النظير، لتغمرنا الفرحة والسعادة.
ولكن سرعان ما ننظر حولنا لنشاهد بعض الصور الضبابية غير المكتملة، لأن بها أشخاصًا قد رحلوا عنا دون إنذار ودون أن ندري، ونحن نصارع الزمن من أجل تحقيق أحلامنا. وفي المقابل، نشاهد صورًا أخرى لأناس لم نعرفهم ولم يعرفونا، وعندها نشعر بغربة أبشع مما كنا فيها، وعندها ينازعنا الأسى مدركين أن هذه هي سنة الحياة.

ولكن السؤال الذي يجول بخاطري الآن هل أبناؤنا نحن المغتربون داخل أو خارج الوطن، لديهم عائلة؟ فإن كانت الإجابة بنعم، هل يشعرون بالدفء والانتماء لهذه العائلة؟ وإن كانت الإجابة بلا، فمن المسؤول الآن عن ضياع بيت العيلة؟

زر الذهاب إلى الأعلى