مقالات الرأى

د.إيمان إبراهيم تكتب : “المرأة وحديث الإمام” (1)

بقلم . د . إيمان إبراهيم

عهدنا لغطاً كثيرًا من قِبل بعض الدعاة والعامة بشأن حق الزوج في ضرب زوجته، مما نتج عنه معاناة بعض الزوجات من ضرب أزواجهن لهن بشكل يتنافى مع تحقيق ما يهدف اليه الزواج، من كونه سكن ومودة ورحمة بين الزوجين، ولا يمكن أن يتحقق ذلك في ظل ضرب الزوجة وإهانتها وإيلامها، والتعامل مع ذلك على أنه حق مطلق للأزواج، مستندين إلى الفهم الخاطئ فيما ذُكرته الآية الكريمة “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا” (34)
ومع تعدد الآراء وإمعاني في هذا الشأن وبعيدًا عن رأى الدين لاسيما أنى غير متخصصة، وبطبعي متحيزة لبنى جنسي كثيرًا ما شعرت بالإهانة والظلم والرغبة في الثأر من كل رجلٍ يُقدِم على ذلك الفعل المشين والمهين لكرامة المرأة.
ولكن عندما يحتدم الجدل في النقاش بيني وبين الكثير من الرجال وبعض مدعين التففه في الدين بشأن مدى أحقية الزوج في ضرب زوجته ويحاججنني بعضهم بقولة تعالى في الآية سالفة الذكر ” وَاضْرِبُوهُنَّ” يتلعثم لساني، بل ويعجز عن الدفاع عن بنى جنسي لعدم قدرتي على التفسير الدقيق الذى تشير اليه الآية الكريمة، مما جعل الكثيرات من النسوة يخضعن بل ويرضين بالظلم الواقع عليهن من ضرب أزواجهن لهن، والتعامل مع ذلك الفعل المشين على أنه حق من الحقوق الأصيلة للزوج والمذكورة في القرآن الكريم.
وهو ما حاول أن يقنعهم به غير القادرين على تفسير أيات الله بالشكل الصحيح، وبعض المغرضين الذين يفسرون الآيات وفقًا للهوى والنزعات الإنسانية، بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك.

إلى أن سمعت رأى فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف في هذا الشأن، وشرحة المفصل والبسيط لما ذكر بشأن ضرب الزوج لزوجته في القران الكريم، حيث فسره بكل موضوعية وحياد، بعيدًا عن المحاباة أو التحيز لطرف على حساب الآخر، ما جعل بداخلي الرغبة في أن أكتب في هذا الشأن، كصرخة احتجاج على كل من فسر آية الضرب خطأ وإلى كل زوج ظالم متجبر يقوم بضرب زوجته، مستندًا إلى ذلك الفهم والتفسير الخاطئ، الذى ربما يؤدى إلى الطلاق وتشتت الأبناء بل وخراب البيوت .
إلى كل هؤلاء اليكم ما قالة فضيلة الإمام في أكذوبة حق الزوج في ضرب الزوجة في الإسلام حيث فال، أن ما جاء في آية سورة النساء من قوله تعالى “وأضربوهن” ليست أمرًا مفتوحًا لضرب الزوجة، حيث علل فضيلته ورود الأمر بالضرب في سورة النساء أن الآية التي ذكر فيها هذا الأمر بدأت أولًا ببيان القوامة، ثم سنت تفصيل أحوال الزوجات وموقفهن من قوامة الأزواج، وأن منهن صالحات قانتات راضيات بقوامة الزوج حافظات لأنفسهن ولغيبة أزواجهن، ومنهن صنف آخر ناشز مستعلٍ على هذه القوامة متمرد عليها، ساخط منها وممن في يده هذه القوامة، وأن هذا الصنف لا بد له من علاج يرده عن علوه واستكباره إذا ما أريد للأسرة أن تستكمل مسيرتها في هذه الحياة.
وأن هذا العلاج يرتبه الشرع على ثلاث مراحل، وهى مرحلة النصيحة بالكلام فإذا لم تجزى النصيحة يكون الهجر في المضجع، فإن لم يجزى هذا أو زاك ففي هذه الحالة يباح فيها شيء المعبر عنه بالضرب دون إيلام أو إزاء، وعلينا أن نعلم أن الإسلام لم يقر أبدًا الإزاء البدني بحق أثرى الحرب فكيف بالله عليكم يقره للمرأة أو يقبله للزوجات؟!

وعليه فإن الضرب ليس واجبًا وليس فرضًا وليس سنة ولا مندوبًا، بل هو أمر مباح في إطار معين وبمواصفات خاصًة، وواصل فضيلته قائلاً، لدينا قاعدة شرعية أخرى تقول “إن لولى الأمر أن يقيد المباح إذا رأى أن الناس يسوئون استخدامه واستغلاله ويلحقون الأذى والضرر بالآخرين.
ولا يوجد ضرراً أو أزي كالذي يصيب الزوجة حال ضربها، لا سيما أن هناك وسائل كثيرة لحل المشكلات الزوجية بالحوار والتفاهم والمودة خاصًة أن معظم الزوجات حاليًا على قدر كبير من التعليم والثقافة والمعرفة،
وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال “خيركم من لا يضرب” فهو صلي الله عليه وسلم لم يأمر به ولم يشجعه ولم يمارسه قط في حياته.

و أن من كثرة النهى عن الضرب في مواضع عدة كاد يحمل بعض الفقهاء على أن الضرب في القران نسخ في السنة لكثرة ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله “لا تضربوا إماء الله” وقوله “لقد طاف ف آل محمد سبعون امرأة كلهن يشتكين أزواجهن فلا تجدون أولئك أخياركم”
وكذلك لكثرة ما ورد في امهات كتب التشريع من أن “العفو مع النشوز أولى”.
فاتقوا الله في نسائكم وليكن التعامل بينكما بالمودة والرحمة، رحمةً بأنفسكم وأبنائكم.

زر الذهاب إلى الأعلى