د.إيمان إبراهيم تكتب : الصمت الزواجي
“تكلم حتي أراك” هي حكمة تلخص مدي ضرورة الكلام كوسيلة من أهم وسائل التواصل بين الناس، فمن خلال الكلام يتعرف الناس علي بعضهم البعض، فإذا كنا بحاجة للتحدث مع بعضنا البعض في المطلق العام، فما أحوجنا للحديث والتحاور معًا كأزواج، فمن المفترض أن كل من الزوج والزوجة هما الملاذ الآمن والأقرب لبعضهما البعض ولا يمكن أن يتحقق ذلك بدون رغبتهما في الحوار والتحدث وإصغاء كل منهما للآخر وإن لم يتم ذلك تصبح هناك مشكلة في العلاقة الزوجية بينهما، ويمكن وصفها بأنها علاقة غير سوية تعتريها بعض التحديات التي ربما ينجم عنها الشكوك أو الفتور العاطفي…، وربما تعقيها تراكمات نفسية وانفجار أحد الزوجين لأتفه الأسباب، مما قد يؤدي إلي الانفصال في بعض الأحيان.
وكل ذلك نتيجة ما يسمي بالصمت الزواجي وهو عبارة عن عدم وجود حوار مشترك بين الزوجين، ربما لوجود بعض الأسباب التي تمنع من إقامة حوار بينهما، ووفق رؤيتي المحدودة ومن خلال ملاحظتي لبعض الخلافات الزوجية لاحظت أن الصمت الزواجي يصيب الرجال أكثر من النساء، ربما لأن معظم النساء بطبعهن لا يستطعن الصمت كثيرًا، وربما كان سبب ذلك وجود بعض الأسباب التي تجعل الزوج ينفر من الحديث مع زوجته.
لاسيما وقت الخلافات التي تنشب بينهما وهو ما أشار اليه بعض الأزواج بشكل واضح وصريح ومن هذه الأسباب أتباع الزوجة لأسلوب الحوار غير اللائق اثناء الخلاف مثل ارتفاع صوتها، نعت الزوج ببعض الصفات السلبية التي ربما يتصف بها في الحقيقة ولكن من الحكمة عدم ذكرها أثناء الخلاف، بالإضافة إلي ذكر الزوجة لعيوب أهل زوجها…
وعدم اهتمام الزوجة بزوجها بالشكل الذي يريده ربما لانشغالها بأمور أخري وغالبًا ما يكون ذلك فوق قدرة الكثيرات من الزوجات لانشغالهن بشؤون الأبناء ومتطلباتهم بالإضافة إلي الشؤون المنزلية، وتزداد الطينة بِله إذا كانت الزوجة عاملة، عندها يصعب عليها إرضاء الزوج علي أكمل وجه… ولهذه الأسباب وغيرها يفضل الزوج اللجوء للصمت والانسحاب وعدم الرغبة في الحوار مع زوجته خوفًا من تطور الحوار بينهما
أما الأسباب التي ربما تدفع القليل من الزوجات للصمت الزواجي فمنها الخيانة الزوجية فعندما تشعر الزوجة بالخيانة وتكون هناك أسباب تمنعها من الانفصال مثل الحالة المادية وتربية الأبناء، فعندها تعبر عن رفضها لهذه الحياة بالصمت والعزلة بل والانسحاب وايضًا عندما تشعر أنها ليست ضمن أولويات الزوج لوجود ما يمكن تفضيله عليها بشكل مستمر مثل العمل، الأهل والأصدقاء…
وانسحاب الزوج المستمر من أي حوار يتعلق بكيان أسرته مثل المشاركة بالحوار البناء حول ما يستلزم لرعاية الأبناء وتربيتهم مثل اختيار المدرسة ونوع التعليم والألعاب الرياضية التي يمارسها الأبناء ورغبته في الحديث عن أي شيء آخر.. هذا وفق ما أشارت اليه بعض الزوجات، وربما تكون بعض هذه العوامل مشتركة بين الزوجين ويمكن أن تؤدي إلي الصمت الزواجي.
ومهما كانت أسباب الصمت الزواجي فهو مؤشر يشير إلي وجود بعض التحديات في العلاقة الزوجية والتي يجب علي الزوجين إدراكها، وذلك من خلال الحوار المشترك والتواصل الفعال بينهما بهدف البحث عن حلول جذرية للعوامل التي أدت إلي هذا الصمت الزواجي، وعند عدم قدرتهما علي إيجاد حلول فيما بينهما لا مانع من اللجوء إلي مساعدة أحد المتخصصين في الاستشارات الأسرية والزوجية للتغلب علي تلك التحديات لتعزيز التواصل الفعال والمثمر بينهما…