دكتور عماد عبد البديع يكتب: القصيدة التي شفت صاحبها !
حين سمعت قصيدة البردة للامام البوصيري لأول مرة أثرت في نفسي أيما تأثير وجذبت قلبي إليها ايما انجذاب . ولم لا وهي أفضل ما قيل في مدح خير البرية ؟ ولم لا وهي لها في قلوب العارفين والمحبين والمصوفين ما لها ؟ ولم لا وهي من زينت أبياتها بيوت الله ومقامات الأولية والصالحين ؟ ولم لا ومكتوبة ابيات منها على قبر السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله؟ ولم لا وقد حرص كل الحرص على سماعها وقراءتها الشيخ الشعراوي رحمه الله؟ فما قصة هذه القصيدة وكيف كانت سببا ووسيلة في شفاء صاحبها ؟!
يروى أن الإمام البوصيري كان يعاني من مرض والذي تسبب له بالفلج فيما يعرف اليوم بالشلل وعدم القدرة على المشي على قدميه ، فقام بنظم قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم لعله يتقرب بها ويتوسل إلى الله أن يشفيه مما أصابه . فلما فرغ من كتابتها نام فأتى له رسول الله في المنام فأخذ يقرأها ويرددها في حضرته صلى الله عليه وسلم ، وحينما وصل إلى البيت الذي يقول فيه ” فمبلغ العلم فيه أنه بشر ” وقف ولم يعرف ماذا يقول ليكمل به شطر البيت، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب يا بصيري ” وأنه خير خلق الله كلهم ” ثم أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إليه ووضع يديه الشريفتين على صدر الامام البوصيري وغطاه ببردته الشريفة. فنهض البوصيري من نومه ووجد في نفسه نشاطا فسار على قدميه وشفي ما به من سقم.
والأعجب من ذلك أنه حين خرج الامام البوصيري من منزله قابله بعض الفقراء فقال له أعطنا القصيدة التي مدحت بها رسول الله فقال أي القصائد فقال له تلك التي مدحت بها رسول الله فغطاك ببردته الشريفه، فأخذها منه وقام بنشرها بين الناس ومن هنا اشتهرت بالبرودة النبوية في مدح خير البرية.
غير أن المقال هنا لا يتسع لشرح جمال وبهاء وعظمة بردة المختار . وكيف لا وقد صدرت عن نفس حفظت القرآن منذ نعومة أظافرها ، نفس عاشت وتعايشت في سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم ، فنقلتنا وكأننا نعيش ونشاهد مولده ومعجزاته وجهاده وخلقه ومكارمه وجلالته وافضاله وكرمه . نفس تعلقت واستأنست بحب وعشق من لولاه لم يخلق الكون من العدم ، نفس استانست بالقرب من رسول الله فما وجدت لكل ضيق الا فرجا ولا لكل هم إلا مخرجا وما استجار برسول الله الا ونال مقاما منه لم يضم.
ليتنا نعلم اولادنا واجيالنا في المدارس هذه التحف والكنوز الخالدة . ليتنا نحرص على تدريسها بمكاتبنا ومدارسنا بما اشتملت عليه من اداب في حفظ النفس من الهوى ومن قيم وما اشتملت عليه من خير كثير.