ثقافة وابداع

حول السينما الأمريكية

خاطرة فكرية بقلم القاص: إبراهيم الديب

علي غير العادة المقهى ممتلئ عن آخره وأنا لا أستطيع الجلوس في مكان ضيق لفترة طويلة ترددت بين الجلوس والانصراف ولكني في حاجة لتناول القهوة أكثر من أي وقت مضى ، غالبية الجلوس يتابع فيلما اجنبيا بشغف شديد ، أمريكي بالتحديد ألقيت نظرة من باب الفضول فلما رآني من يجلس بجواري أو من جلست أنا بجواره تطوع بنقل إعجابه الشديد بالفيلم وأخذ يشرح لي قصته المثيرة و أداء الممثلين ، فوافقته الرأي أن الأفلام الأمريكية بلا شك اجمل واضخم ما تشاهد من الإنتاج السينمائي على مستوى العالم واني من أشد المعجبين بها وأنها إبداع بكل المقاييس الفنية ولكني ذكرت له أن هذه الأفلام تسوق للثقافة والقيم الأمريكية واحيانا لسياستها وأنه لابد لمن يتابع ويشاهد هذه الأفلام الساحرة المبهرة أن يتمتع بخلفية ثقافية حتى لا يشعر بالدونية ويروج هو الآخر للرسالة التي تريد هذه الأفلام إرسالها للمشاهد أثناء استمتاعه بهذا بالعمل السينمائي المبهر . فهذه الأعمال تروج أن الأمريكي هو سيد العالم دون منازع ،فكل دولة في العالم لها الحق ولا يستطيع أحد أن ينكر عليها بأن تعمل لصالح سياستها والترويج لها ولمصلحة شعبها ورفعته ورفاهيته، فأنا أحسد صناع هذه الأفلام على براعتهم بتمرير هذه الرسائل بداخل العمل الفني حتى أصبحت وجهة النظر الأمريكية في أكثر القضايا الفكرية تبثها السينما الأمريكية في أفلامها لتتسلل لعقول المشاهدين وهم في حالة الانبهار قبل أن يتبنى الكثيرون حول العالم هذه الأفكار حتى أوربا نفسها تشتكي غزو السينما الأمريكية لها .. قال الرجل: – كيف ؟ قلت: له مثلا: – ظهور الشخصية العربية في السينما الأمريكية محصورة في غالبيتها في إطار الرجل المنكب على شهواته الباحث دوما عن ملذاته ، البعيد عن ثقافة العصر ، يعيش ثقافة الصحراء فهو ما زال فى الماضي القابع يجسد حياة العربي الذى يبحث عن مواطن الكلأ لدابته ، ملتصق بالحس واللذة ويبحث عنها لا يهتم بما وراء ذلك من خيال ومعنى جمالي ، يخاصم العصر ويناصبه العداء يعيش لحسابه لا أنكر أن هناك الكثيرين في وطننا العربي يسيطر عليه هذا الفكر ولكنه استثناء وليس قاعدة..
فقال من يناقشني مندهشا من حديثي الذي لم يتوقعه مني، بعد برهة صمت : – ولكن صورة الإنسان العربي المسلم ظهرت فى فيلم عمر المختار بصورة أنصفت المسلم والعربي والاسلام حضارة وثقافة أيضا ونجح الفيلم وتعاطف كل من شاهد الفيلم مع الشعب الليبي والعرب والإسلام كفكرة .
فقال من يناقشني مندهشا من حديثي الذي لم يتوقعه مني، بعد برهة صمت : – ولكن صورة الإنسان العربي المسلم ظهرت فى فيلم عمر المختار بصورة أنصفت المسلم والعربي والاسلام حضارة وثقافته أيضا ونجح الفيلم وتعاطف كل من شاهد الفيلم مع الشعب الليبي والعرب والإسلام كفكرة .
قلت له: – كلامك صحيح وهذا الفيلم لا أمل مشاهدته ولكن لا تنسي أن مخرج الفيلم مصطفي العقاد مسلم سوري واذكرك أيضا أن الفيلم كان تناول فترة الاحتلال الطلياني لليبيا، لا الأمريكي ولنفرص مثلاً أن أمريكا هي من كانت تحتل ليبيا هل كان سيخرج الفيلم بهذا الشكل الذي أنصف العرب والمسلمين قلت لك يا صديقي أن كل دولة لها الحق أن تعمل لصالح نفسها ولرفعة شعبها ولكن امريكا ساعدت في إظهار الصورة الوحشية لإيطاليا أثناء تعاملها مع الشعب الليبي من قمع وقتل وإذلال ، فلو كان المحتل أمريكا عندها كان من المستحيل أن يظهر الفيلم بهذا الشكل الذي يدين الاحتلال الطلياني ولا تنسي أيضا أن أمريكا حاربت ايطاليا في الحرب العالمية الثانية والفيلم أنتج بعدها و لكي تثبت أمريكا كانت على حق عندما حاربت إيطاليا بل وكانت على حق أيضا عندما حاربت دول المحور الثلاث إيطاليا واليابان وألمانيا فأمريكا كانت تنتصر لموقفها فى فيلم عمر المختار أكثر من انتصارها لليبيا والعرب والمسلمين أو للشعوب المقموعة وأثبتت فالفعل بقوتها الناعمة داخل الفيلم الأكثر من رائع أن إيطاليا كانت خاطئة باحتلالها ليبيا وأن أمريكا كانت علي صواب في الحرب ضدها …. جاءتني مكالمة هاتفيه فخرجت مسرعاً من المقهى لكي أتمكن من الرد عليها بعيداً عن الضوضاء وعدت ثانية إلى المقهى فلم أجد المقعد الذى أجلس عليه فانصرفت.
إبراهيم الديب

زر الذهاب إلى الأعلى