مقالات الرأى

حازم عبده يكتب : مسك الغنائم

تناولت الإفطار في نُزل بنى شقران بحمامات بوحنيفية بولاية معسكر الجزائرية، وودعت ضيوف الملتقى الدولى للزوايا بعد انتهاء الفعاليات والزيارات وبقى أمامي يومان حتى العودة للقاهرة ،قلت فرصة للاستجمام، غير أن الصديق الراحل الدكتور عمر شعلال رئيس ومؤسس الاتحاد الوطني للزوايا الجزائرية، والصديق بنعطية زيتونى أصرا على استضافتي فى مسك الغنائم، أو مستغانم أحب المدن الجزائرية إلى قلبى واللقاء بأسرة الدكتور شعلال التى هى بحق أسرتى فى هذه المدينة التى تعلقت بها منذ زيارتي الأولى لها عام 2006 .
80 كيلومتراً قطعها بنا الصديق بن عطية زيتونى بسيارته زحفاً نحو الشمال عبر الجبال والوديان والغابات وحدائق الموالح مروراً بمدينة المحمدية أشهر منتج للموالح فى الجزائر حتى وصلنا إلى ساحل المتوسط حيث تنام مستغانم الجميلة فاردة جناحيها بين وهران والشلف ومعسكر وغليزان ، تهب علينا نسائم البحر مشبعة بريح الصالحين.
ساحرة مستغانم سحرت الفينيقيين فبنوا فيها أول ميناء ” مـُرُستاگا ” و استوطنها الرومان ومنحوها اسم كارتنَا، وفتحها العرب المسلمون ومنحوها اسم مسك الغنائم وبنى فيها يوسف بن تاشفين برج المحل، وحين جاء الفرنسيون اتخذوهاً ميناءً ومصيفاً ففيها أروع وأكبر شواطئ الجزائر المعروف بشاطئ الرمال ” صب ليت”.
أتذكر دائماً مقولة أستاذنا الدكتور محمد أبو ليلة، رحمة الله عليه، حين كنا عائدين من مستغانم عام 2009 : “وكأننا عائدون من مناسك العمرة ” لهذه الراحة النفسية التى تشعر بها، و أهلها الحامدون الشاكرون العاشقون للضيف المكرمون له المعلقة قلوبهم بحبيبهم وحبيبنا دائماً وأبداً محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .
ما أكثر أسماء العلماء والأولياء والأتقياء والعلماء فى تاريخ مستغانم من أمثال العالم العابد بن حواء التوجيني المستغانمي وابن شاعة الزروالي تلميذ أحمد بن يوسف الراشدي ثم الملياني و الشيخ بلقاسم بوعسرية المدعو بن صابر الإمام الطاهر بن شهيدة ،والعلامة الحاج قدور أبوبكر الرياحي الفقيه والنحوي و المفتي قارة بن مصطفى والأكحل بن خلوف شاعر الحضرة النبوية المغراوي، والصوفى أحمد بن مصطفى العلاوي أحد رواد الحركات الصوفية في القرن العشرين وزاويته كانت أول مازرت فى المدينة، وهو تلميذ الصوفي الكبير الشيخ محمد بن طه البوزيدي المعروف بحمو الشيخ صاحب أكبر زاوية فى مستغانم والتى شرفت بالتعرف إلى شيخها الراحل التقي الورع الشيخ عبد القادر( دحاح ) البوزيدي، وتربطني صداقة بخليفته ابنه الشيخ محمد البوزيدي.
الدور التاريخى لمستغانم أغناها بالمواقع التراثية والأثرية مثل قصر الباي محمد الكبير و ضريح الباي بوشلاغم وحي الدرب وحي الطبانة وحي المطمر وحي تيجديت ودار القايد ودار القاضي و المسجد الكبير القديم و وأسوار المدينة الأثرية.
نقلاً عن اللواء الإسلامي

زر الذهاب إلى الأعلى