حازم عبده يكتب :لا جار دى مدينة !!
على الرغم من إننى أشعر بحميمية خاصة تجاه المغرب الأقصى و حواضره من الرباط إلى الدار البيضاء إلى مراكش و أغادير وتطوان وفاس ومكناس التى كانت مقصدى للمشاركة فى احتفالات جمعية إخوان الصفا بذكرى المولد النبوي الشريف عام 2007 من خلال مهرجان ليالي مكناس الصوفية فى مدح خير البرية إلا أن شيئاً ظل يطاردنى وينغص علي رغبتي في الحديث مع من أقابل وهو الرطانة الفرنسية الطاغية.
وما بين الأمطار التى هطلت بغزارة والفرنسية الطاغية الممزوجة بعربية منسحقة كدت أفقد التواصل مع بني مكناس، حيث اضطررت لقضاء أوقات طويلة محتجزاً داخل فندق ريف، وفى اللحظات التى تهدأ فيها الأمطار أتجول فى المدينة محاولاً الحديث للناس لكن هيهات، فما أن يعرفوا أنني مصري فيرحبوا بى فيدفعنى الفضول للسؤال عن شيء ما فينقلب الترحيب لرطانة فرنسية لا أفهم منها شيئاً، فأضطر لهز رأسي علامة على أننى فهمت، وأرحل لسؤال شخص آخر عن معالم المدينة الغارقة في اللون الأخضر النائمة فى أحضان جبل مولاي إدريس الأول مؤسسة دولة الأدارسة سنة 172 هجرية، وجبل مولاي إدريس الثاني وقد كساهما اللون الأخضر، ومكناس هي عاصمة الولاية التي تحمل الاسم نفسه، ومكناس فريدة في سحرها تحيطها الأسوار بطول 40 كلم، و سكنها أولاً البربر من قبيلة مكناسة، ثم بدأت تتوسع في عهد المرابطين، ثم استولى عليها الموحدون سنة 1150م، وبعد أن استقرت الأمور بدأت المدينة تزدهر، ثم ما لبثت أن انتعشت من جديد في منتصف القرن الثالث عشر وفي سنة 1672م عندما اعتلى العرش مولاي إسماعيل من الأسرة العلوية، ترك فاس الحاضرة إلى مكناس، حيث حكم مدة 55 سنة، بنى خلالها سور المدينة المؤلف من ثلاثة أسوار متداخلة بطول 40 كلم.
قررت قضاء اليوم الأخير في العاصمة الرباط التي أستمتع كثيراً فى شوارعها ومعالمها وكان في انتظاري الأستاذ أحمد عبد العليم الملحق الثقافي لمصر -وقتها- والذي أخبرني أن أستقل طاكسي (تاكسي) من محطة الباص (السي تى إم) من القامرة بأطراف الرباط، وأطلب منه أن ينقلني إلى محطة المدينة(محطة القطار الرئيسة بشارع محمد الخامس) ونطقها لى بالفرنسية (لا جار دي مدينة) وكلما أوقفت تاكسى وأصررت على أن أخبره بوجهتى بالعربية، فينظر إلى مستغرباً لأنه لم يفهم ماذا أريد، فلم أجد بداً من استخدام المقابل الفرنسي فقلت (لا جار) فرد على ( لا جار دى مدينة ) تفضل .. ركبت وأنا لا أفهم لماذا لم يكمل الجملة بالفرنسية لتصبح (Gare de la ville) وأصر على حشر الكلمة العربية الدخيلة “مدينة”!!