مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: هل نجح أبوك في تربيتك؟!

0:00

في الأمثلة الشعبية: ( قالوا دا متربي، قلت من عند ربي )!! فهل يَقصد المثل أن الأبَ والأم لا دورَ لهما في تربية الأبناء، وأنه لا ينبغي أن يبذلا مجهودًا، لأن الأمرَ محسوم؟!! لا يمكن للمثل أن يقصد هذا، إنه يشير إلى أن الهدايةَ من الله، لكنَّ بذلَ الجُهد من البشر أمرٌ حتميٌّ لا مفرَّ منه. كم مرة _ وأنت صغير _ اعترضتَ على توجيه أبيك ونُصح أمك، فلما كَبِرْتَ، وجدتَ نفسك تتصرف مثلهما، بل قلتَ: إن معهما كلَّ الحق؟!!

يقول المثل: (اللي ما تعلمه الأهالي تعلمه الأيام والليالي)!! وفي رواية (اللي ما ربهوش أبوه وأمه تربيه الأيام والليالي)!! أما الأيام والليالي فإنها تُعلم بالصفعات، فإنِ استفدتَ من تجارب الأب والأم ونصائحِهما، فإنك كمن وقَى نفسَه وأخذَ التطعيمَ الذي يُساعدُه على مقاومةِ الأمراض، والوقايةُ خيرٌ من العلاج كما نعلم. وإن أعرضتَ كنتَ كهذا الابن الذي قال له أبوه نبيُّ الله نوح _ عليه السلام _: “… يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43)” (سورة هود).

يقولون: (ماحدش بيتعلم ببلاش)، لكن بيدك أن تقلل التكلفة؛ بأن تكون ابنًا مطيعًا، يفكر، لا يتعالى على أبيه مهما كان، وإن كان الصوابُ معك إياك أن تظن أن هذا يعطيك الحقَّ في أن تؤذيَ أباك وأمك نفسيًّا “… إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ” ( الإسراء _ 23 ).

إن هذا لا يعني ألا تكونَ لك تجربتُك الخاصة، لكنك يجب أن تعيَ تجربةَ الآباء خاصةً إذا كان أبوك من هؤلاء الذين خبروا الحياة، وكما نقول: (عجنوها وخبزوها).
حين يقول لك أبوك: احذر من فلان أو (إن فلان مش كويس) فخذ حِذرك، وإن تعاملتَ معه، فسوف تُثبت لك الأيام صحةَ وجهةِ نظر الأب!!

هل نجح أبوك في تربيتك؟! هذا سؤالٌ إجابته عندك، فاجعل من يراك يدعو لمن رباك، بحُسن الخلق، بنظافة اليد واللسان، بالعزة والكرامة، بالابتعاد عن مواضع الشبهات، بالحرص على تقديم يد العون للآخرين ما استطعتَ إلى هذا سبيلًا.

من نصائح الآباء للأبناء، هذه النصيحةُ التي تُكتب بماء الذهب، لكنها تحتاج لمجهود كبير عند تطبيقها، نصح الأبُ ابنَه يومًا فقال: (لا تتخلَّ عن ذرةٍ من استقامتِك في مقابلِ المال أو السُّلطة أو الشُّهرة، واحْــكــُـمْ على نجاحِك بما اضطُرِرْتَ للتخلي عنه حتى يتحقق).

زر الذهاب إلى الأعلى