مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: من ١ إلى ١٠ … رسالة لكل محافظ

0:00

إذا سألتَ أيًّا من أفراد الشعب عما يجب على الحكومة أن تهتم به أولًا، لقال لك على الفور: الصحة والتعليم؛ ذلك أنهما أساس التنمية؛ فالشعب المريض لا يُنتج، والشعب الجاهل لا يُمكنه مواكبة العصر، وشعبٌ بلا وعي خطرٌ على مستقبل بلده، إنها المعادلة التي قامت بها كل دولة أرادت أن تنهض من كبوتها، ولنكن على وعي بأن طالب المرحلة الابتدائية بعد نحو ٢٠ سنة إما أن يَبنيَ أُمَّة أو يَهدمَ أُمَّة!!

ومن هذا المنطلق أود أن أهمس في أذن كل محافظ _ أعانه الله ووفقه _ بأن يكون برنامجُه اليومي كما يلي:

١- زيارة مدرسة لضمان انتظام الطابور والإذاعة المدرسية التي تسهم في زيادة الانتماء إلى مصر. وهو في الطريق إلى المدرسة يعاين الشوارع ومستوى نظافتها والالتزام المروري، وحين يصل إلى المدرسة ويحضر الطابور ويدخل الفصول _ بغرض التعرف على ما ينقص لا بغرض تصيد الأخطاء _ يقوم مع معاونيه بتسجيل كل الملاحظات والسلبيات التي يراها.

٢- المرور على أحد المستشفيات، ليس بغرض الشطب على الأطباء والاهتمام بسلامة الأوراق، بل بغرض معرفة ما يريده الطبيب ليقوم بعمله على أكمل وجه، لمنفعة المريض، وما يريده المريض ليكون راضيًا عن الخدمة التي تُقدم له.

٣- المرور على أحد الأماكن التي تُقدم الخدمات للجمهور كمكاتب التموين ومكاتب التضامن الاجتماعي والمخابز والجمعيات الزراعية والوحدات المحلية وخصوصًا إداراتها الهندسية التي هي مظنة الفساد الذي لا ينتهي، وغيرها من الأماكن، ووسط كل ذلك هو يرصد حال الشارع وحال الناس، وليس هناك مانع أن يتخفى المحافظ بعض مرة ليقف على الكيفية التي يُعامَل بها المواطن في أماكن الخدمات المختلفة.

٤- في منتصف النهار يصل مكتبه ليُجري المقابلات، ويقوم بتوقيع اللازم من الأوراق، ويا حبذا إن استطاع أن يجعل كل من يُعيق العمل يجلس في بيته!!

٥- ولما كانت المحافظات الآن لا تخلو من مشروعات تنموية تُطور مدنها وقراها وخاصة مع مشروع (حياة كريمة) فليكن الوقت من بعد العصر مخصصًا لمتابعة هذه المشروعات.

والسؤال الآن: إذا كانت ميزانية الحكومة لا تسمح بالقضاء على جميع السلبيات التي يمكن رصدها، فما العمل حينئذٍ؟! الحل في الاستعانة بأهل الخير وهم كثيرون بفضل الله في بلدنا، ويقومون بمجهودات وفيرة لكنها فردية في أغلبها خشية ألا يصل ما يتبرعون به إلى مستحقيه!! وسيظل الأمر بأيديهم، لكننا سندلهم على الأماكن المحتاجة: هذا المستشفى في حاجة إلى كذا، هذه المدرسة في حاجة إلى كذا، وإن كانت رحلة تُرَوِّح عن الطلاب وتَزيد وعيهم!! هذا المريض يحتاج إلى كذا، هذا الطالب يحتاج إلى كذا، فننشئ تكافلًا اجتماعيًّا ينهض بالصحة والتعليم.

٦- ليسأل المحافظ في جولاته عن المتفوقين رياضيًّا والموهوبين فنيًّا ليتم رعايتهم تحت إشرافه من خلال الأندية ووزارة الشباب والرياضة والجامعات بكلياتها المختلفة والمسارح وأكاديمية الفنون.

٧- على المحافظ ألا ينسى مكتبات المدارس، ولعل في مخازن وزارة الثقافة من الكتب ما لا يجد رفوفًا، وفي المدارس رفوف لا تجد كتبًا!! تخلصوا من الملفات في المدرسة واجعلوها على الكمبيوتر ودربوا الموظفين على ذلك واستعينوا بطلبة الجامعات في خدمةٍ عامة تأخذ من وقتهم وتفيد مجتمعهم وتمنحهم درجات في دراستهم وشهادات تساعدهم في أخذ منح دراسية فيما بعد.

٨- ومن أرض الواقع يمكن للمحافظ حينئذ أن ينقل إلى مجلس الوزراء نبض الشارع الحقيقي لا كلام المكاتب المعسول، لتكون حركة الحكومة انعكاسًا لما يريده المواطن حقًّا، بعيدًا عن الكلمة سيئة السمعة: ( كله تمام يا افندم )!!

٩- لا تنسَ يا معالي المحافظ في زياراتك الميدانية المكافآتِ الشخصية مع صورة بصحبة كل متفوق تظل في أرشيفه يتحدث عنها في مستقبله وتمثل له ماضيًا جميلًا.

١٠- وليست اللقاءات مع الخريجين السابقين للمدرسة من المتفوقين في الأعمال المختلفة أمرًا عبثيًّا لا فائدة منه، بل إنها تمثل حافزًا للطلاب يُنير لهم الطريق، ويجعلهم يثقون أن النجاح لا علاقة له بالمجموع، بل إنه يتناسب طرديًّا مع المجهود والتعب والأخذ بالأسباب وقبل ذلك وبعده توفيق الله، وسيظل لكل مجتهد نصيب مهما بدا الأمر معكوسًا، فإن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا.

معالي المحافظ: إنك راحلٌ عن منصبِك أو إن منصبَك راحلٌ عنك، فتذكر قوله تعالى: ” … اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ” ( فُصِّلت _ 40 )، وجَـهِّـزْ لِـرَبِّـكَ جَـوَابًـا قَـبْـلَ أنْ تَـلْـقَـاه.

زر الذهاب إلى الأعلى