مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: قالوا للحرامي اِحْلِفْ!!

لا يَظهر ويتجلى إبداعُ وعظمةُ المبدع الشعبي كما يتجلى في الأمثال الشعبية، التي هي خلاصة تجاربَ متعددة مَـرَّ بها أشخاصٌ متعددون، لذلك من الخطأ أن نقول: إن الأمثالَ الشعبية متضادة، لا، بل إن تجاربَ الناس متعددة ومختلفة، ولكلِّ مثل مضرِبُ مثل، أي موقف معين قيل فيه ابتداءً، ويُقال في مثله بعد ذلك، ولا يصح في غيره.

على سبيل المثال نقول في الأمثال: (القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود)، ونقول أيضًا: (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب)، فهل هذان المثلان متضادان؟! على الإطلاق؛ فالأول يُقال لمُسرف، والثاني يُقال لبخيل، ولا يختلف أحدٌ على أن الحياة بها الصنفان المسرف والبخيل، وكلاهما يحتاج إلى النصيحة، ولا تصح نصيحةُ أحدِهما للآخر، أي أن المثل الذي يُقال للمسرف لا يمكن أن يُقال للبخيل.

أما الحرامي الذي حلف، فقصته متكررة، وهذه المرة جاءت من حارس عقار، علم أن كاميرات العقار بها عُطل، فطلب من أحد السكان الذي يمتلك دراجةً غاليةَ الثمن، أن يضعها في مدخل العقار تحت السلم بدلًا من وضعها في شقته، ونجحت الخطة، وبعد بضعة أيام، أعلن أن الدراجة قد سُرقت، ومعها أنبوبة البوتاجاز الخاصة به!! لم يكتفِ الحارس الحرامي بهذا، بل بدأ يتحدث إلى بعض السكان _ على غير الحقيقة _ في أن صاحب الدراجة يطالبه بثمنها، وهو ما لم يحدث!! لكنه استطاع أن يجمع بعض المبالغ المالية بناءً على هذه الكذبة، وبالتالي، فقد باع الدراجة التي سرقها، وجمع أيضًا ثمنها!! ولما انكشفت الأمور بعد فترة، كان الحلف بالله مخرجًا له، فهو لا يبالي أن يحلف كذبًا، كغيره من الذين يراقبون الناس، وينسَون ربَّ الناس، منعتهم الكاميرات عن السرقة، فلما تعطلت سرقوا!! ولم يمنعهم وجود ربٍّ يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور!! هذا حالنا إذا تأخر العقاب أو لم نره رأي العين، لكن رب العالمين يعطي فرصًا كثيرة، ويفتح بجُوده وكرمه أبوابَ التوبة، ولا يفضح عبدَه أول مرة.

المُراقَب مِن قِبَلِ مخلوق مثله يستحي، فكيف إذا علم وتيقن بأن العليمَ الخبير مُطّلعٌ عليه؟! أيليق به أن يراه مولاه حيث نهاه؟! نقول دومًا: مَن أمِنَ العقابَ أساءَ الأدب، واللص واحد من الفاسدين الذين لا يجوز أن نتركهم ينهبون لأنهم يحلفون، وإلا جاءهم الفرج، وجاء للعقار الخراب.

زر الذهاب إلى الأعلى