حازم البهواشي يكتب: السودان يبحث عن عاقل!!
بعد استشهاد الإمام “عليّ” _ رضي الله عنه _ (23ق.هـ : 40هـ) بايع المسلمون ابنَه “الحسن” (3هـ : 49 أو 50هـ)، ثم تنازل “الحسن” عن الخلافة لـ”معاوية بن أبي سفيان” (18ق.هـ : 60هـ)، وسُمِّيَ ذلك العام (41 هـ) عامَ الجماعة، وصدقتْ نبوءةُ الصادق الأمين: (إن ابني هذا لسيد، ولعلَّ اللهَ أن يُصلحَ به بين فئتين من المسلمين).
وفي عصرنا الحديث، وفي أعقاب انتفاضة أبريل 1985م التي أطاحت بحكم “جعفر نميري” ( 1930م : 2009م ) رئيس السودان بين عامي 1969م و 1985م، تولى “عبد الرحمن سوار الذهب” (1934م أو 1935م : 2018م) رئاسةَ المجلس العسكري الانتقالي، وتعهد بعد تسلمه السلطة بأن يتخلى عنها خلال عام واحد لحكومةٍ منتخبة، وهو ما قام به بالفعل، فسلَّم السلطةَ للحكومة الجديدة المنتخبة برئاسة رئيس الوزراء “الصادق المهدي” (1935م : 2020م).
نموذجان قلَّ أن نرى مثلهما في عالمنا العربي، ونحن نرى بيتًا يُخَرَّبُ بيد ساكِنيه، يُنهبُ بيد أبنائِه، يتآمر عليه أبناؤه!! أفهَمُ أنْ يتآمرَ اللصوصُ على سرقةِ بيت، لكنَّ الذي لا أفهمه أن يفتحَ لهم البابَ أحدُ أفراد البيت!! فلمصلحةِ مَن؟! وهل يُعقلُ هذا؟!
ببساطة شديدة ودون تعقيد، قال أجدادُنا في أمثالهم الشعبية: (المركب اللي لها ريّسين تغرق)، وإنَّ أولَ واجبات الحاكم أن يَحفظَ الدِّينَ والنَّفسَ والمالَ والعِرض، فهل يتنحى الرجلان (البرهان و حميدتي) جانبًا إعلاءً لمصلحةِ السودان وشعبِه، ويتركان الأمرَ لغيرهما؟!
حين يتحول الإنسان إلى أداةٍ لمعاناةِ أخيه الإنسان، فمتى يُفيق ويعلمُ أنه المُكَرَّم، وأن حُرمةَ دمِه تفوقُ حُرمةَ الكعبة؟! يقول العلماءُ في قول شُعيب _ عليه السلام _ لقومه: ” … أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ” ( هود _ 78 ): (منكم) أي من أنفسكم وليس دخيلًا عليكم، أمّا لو قال (فيكم)، ربما كان دخيلًا عليهم، جاءهم من الخارج، وهو ما نقوله للرجلين في السودان، ولرجاله جميعًا: ” … أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ”؟! ويقولون: إن من علامة الرجل الرشيد أنه هو المُسدَّدُ في أقواله وأفعاله، يَنصرُ المظلومين، ويُفرِّجُ الكربَ عن المكروبين، ويأمُرُ بالخَير
ويَنهَى عن الشر!! هذا ما لا نراه في السودان للأسف!!
في حربٍ تأتي على الأخضر واليابس، وَقُودُها الأبرياء وحُطامُها الأبرياء الذين يُحاصَرُون ويَجوعون ويَمرضون ويَفرون ويَموتون، ويبني أفرادٌ مجدَهم وسلطتَهم على دمائهم وجثثهم، نظل نتساءل: لماذا لا نعي الدرس؟! وما السرُّ وراء التشبث بالسلطةِ في عالَمِنا؟! هل يمكن لعلماءِ الاجتماع أن يَقوموا بدراسة تحت عنوان: (سِرّ السلطة) أو (سِحْر السلطة) يكشفون لنا فيها كيف لبشرٍ أن يعيش على أنقاض أخيه ودمِه بسبب هذه السلطة الساحرة الملعونة؟!
لم تأتِ الحروبُ بخير، ولم يأتِ النزاعُ بخير، وتدور السنوات وتمر، ومسلسل إنهاك الأمة العربية ونهبِ ثرواتها وخيراتها الاقتصادية والثقافية لا تنتهي أجزاؤه بسبب أطماع الخارج وفساد وجهل وتعصب الداخل!!
أيها التاريخ سجِّلْ أننا لا نتعلم من التاريخ!! (هي دي چينات ولا إيه)؟!