مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: السادات في الآداب!!

0:00

تنظرُ إلى المبنى الرئيسي لكلية الآداب جامعة القاهرة فتشعر بعبق التاريخ، وتَشَم ريح الأصالة؛ إذ تطالعُك هذه العبارة أعلى الباب الرئيسي وقبل دخولك: (هذه من آثار حضرة صاحبة السمو الأميرة فاطمة إسماعيل).
هذه السيدة (1853م : 18 نوڤمبر 1920م) التي أحسب أنه يجب تكريمها، على الأقل بوجود درسٍ في مناهجنا يحكي دورَها في إنشاء جامعة القاهرة؛ إذ تبرعتْ بأراضٍ ومجوهرات تبلغُ قيمتها في العصر الحالي المليارات.
أما عن زيارة الرئيس السادات ( 25 ديسمبر 1918م : 6 أكتوبر 1981م ) لكلية الآداب، فهذه حكايتها: التحقتْ السيدة (چيهان صفوت رؤوف)* ( 29 أغسطس 1933م : 9 يوليو 2021م ) بقسم اللغة العربية بآداب القاهرة، وتخرجت فيه عام 1978م، وحصلت على الماچستير في أكتوبر عام 1980م وهي في نحو السابعة والأربعين من عمرها، إبان عمادة القامة الخُلُقية والعِلمية شيخِ المحققين وعُمدة الأدباءِ واللغويين أستاذِ الأساتذة الدكتور (حسين نصار) رحمه الله ( 25 من أكتوبر 1925م _ 29 من نوفمبر 2017م ).
وفي هذه المناقشة كان زوجها ( محمد أنور السادات ) حاضرًا، ثم دخلتْ لجنةُ المناقشة، فنهض جميعُ الحضور وقوفًا، وبدأت الأستاذة الدكتورة (سَهير القلماوي) _ بفتح السين _ ( 20 يوليو 1911م : 4 مايو 1997م )، بدأت حديثها بثقةِ العلماء ولغةِ الأدباء الذين يرَوْن العِلمَ أعظمَ الأشياء. وجَّهتْ رسالةً _ مُقتضبة _ أحسب أنها تصلح لكل مسؤول على مر العصور، وأرجو منك عزيزي القارئ أن تقرأها بدقة: “اسمحوا لي أيها السادة قبل أن نفتتحَ جلسةَ الامتحان، أن أُحيي باسمكم واسمِنا جميعًا سيادةَ الرئيس القائد الذي شرفنا اليوم بزيارةِ جامعة القاهرة. إن تشريفَكم يا سيادةَ الرئيس شرفٌ نعتز به، ونحسَبُ أنك تعتزُ أيضًا بجامعةِ القاهرة، فهي شامخةٌ من شوامخِ مصر؛ لأنها أولُ جامعةٍ في العالم العربي كلِّه، مِن أعطافِها خرجتْ جميعُ الجامعاتِ المصريةِ والعربية. أملُنا في رعايتِكم للجامعةِ عظيم، وأملُكُم في الجامعةِ أعظم، حقَّقَ اللهُ آمالَكم وآمالَنا، ورَفَعْنَا راياتِ مصرَ عاليةً في العالمين، لننشرَ الخيرَ والعِلْمَ والمَعْرِفة… شكرًا”.
لعلنا جميعًا عرفنا قيمةَ البحثِ العلمي وأهميتَه إبّان أزمة كورونا، فما من تقدمٍ وقدرةٍ على مواجهة صعوبات الحياة دون تعليمٍ جيد، وبحثٍ علميٍّ راقٍ؛ فانهيار التعليم يساوي انهيارَ أمة، وما ترقى الأممُ إلا بعقولها، أما غير ذلك، فسنلحق بـ (العرب البائدة) على حد تعبيرٍ قرأتُه من قبل.
في ظل تعليمٍ هابط تسوده المنفعةُ الشخصية فقط، ويخلو من الحِرص على ناتجٍ يفيد، لا أملَ في تقدمٍ وخلاصٍ من وصمةِ الوصف بـ (العالم الثالث)، أو (النامي) على أقل تقدير، لكنه لا يزال ناميًا رغم مرور السنوات، ولم يصل إلى سِن الرشد بعد!! سقى الله عهودًا كنا فيها أملًا لكل مريضٍ وجاهل، كان رجلُ الشارع العادي يقرأ ويكتب بل ويقرِض الشِّعرَ أحيانًا في الأندلس، وملوك أورُبا لا يعرفون حتى كتابة أسمائهم!!
عزيزي القارئ: أعِدْ قراءة رسالة (سَهير القلماوي).
____________________
* كانت المرة الأولى التي عرفتُ فيها الاسم الحقيقي للسيدة چيهان السادات عام 1999م إذ حصل الصديق العزيز أ.د/ (خالد أبو الليل) وكيل كلية الآداب جامعة القاهرة حاليًا، حصل على جائزتها التي خصصتها لأول قسم اللغة العربية، وحينما سمعنا الاسم: جائزة (چيهان صفوت رؤوف) سألْنا: من هي؟! فرد أستاذنا ( د/ عرفة حلمي ): ( چيهان السادات ).

زر الذهاب إلى الأعلى