حازم البهواشي يكتب: ابن الحرام!!
يقول المثل الشعبي: (ابن الحرام ما خلاش لابن الحلال حاجة)!! و (ابن الحرام) في الأصل هو المولودُ لعلاقةٍ غير شرعية، ولكن المقصود هنا الشخصُ الذي يحتال على آخر ليأخذ ما ليس له بحق، وبفِعْلِه هذا، يجعل المرءَ يتشكك فيمن يطلب منه بعد ذلك، وربما منعَ عطاءَه عن محتاجٍ بحق (ابن حلال) جرّاء ما فعله المحتال (ابن الحرام)!!
من أفعال (ابن الحرام) ما يجعل الشهامةَ تتنحى عن مجتمعنا، وفاعلَ الخير يتردد في الإقدام عليه، وقد هالني ما سمعتُه عن حادثٍ لسيارةٍ وقعتْ براكبَيْهَا في إحدى الترع، وقد أحجم الناسُ عن نزول الترعة ربما لعدم قدرتهم الجسمانية أو لأنهم لا يستطيعون السباحة، مع ظهور العادة الحديثة وهي تصويرُ الحَدَث بالهاتف المحمول!! ثم ظهرَ المُنقذ الذي خلع ملابسَه وتركها وتركَ هاتفه المحمول (ماركة آي فون) مع أحد مُشاهِدِي الحادث الواقفين على جانب الترعة، وقد أعانه الله فأخرج الراكبَين، لكنَّ أحدَهما كان قد تُوفي، والآخرَ أخذتْهُ سيارةُ الإسعاف إلى المستشفى علَّها تُسهم في إنقاذ حياته، إن كان في العُمر بقيَّة! هدأت الأمور، وخرجَ الشابُّ المُنقِذ من الماء وسط دعواتِ الناسِ له بالبَرَكةِ في الصحةِ والعافية، و (أن ربنا يوقف له أولاد الحلال، ويجعل له في كل خطوة سلامة).
انتهت المهمة ونظرَ الشابُّ باحثًا عن ذلك الذي أعطاه ملابسَه وتليفونه، وكانت المفاجأة!! فلقد وجد ملابسَه بجوار شجرة، ولم يجد الشخصَ الذي كان قد ائتمنه عليها، ولم يجد تليفونه المحمول الذي أُغلِق على الفور!! (ابن الحرام) استغل شهامةَ (ابن الحلال)، وكان يقوم بدوره المعتاد، كما يقوم رجالُ الإسعاف بدورهم المعتاد!! وبالتالي فـ (ابن الحلال) سيُفكر بعد ذلك ألفَ مرة قبل أن يكونَ شهمًا، مادًّا يدَه لمساعدة المحتاج، فالأمر _ في الظاهر _ انتهى بخسارةٍ له!!
(ابن حرام) آخر اخترعَ تمثيليةً عن حاجته مَبلغًا من المال لنهاية الأسبوع، وسوف يُسدده فورًا (وفُوقه بُوسة)، ولما لم يكن بينك وبينه معاملاتٌ سابقةٌ على الإطلاق، فإنه كان عليك أن تفهمَ (أن الفلوس مش راجعة)!! ولكنك غالطتَ نفسَك وما تعودتَ عليه، وأعطيتَه المبلغ، و (أخدت صابونة) _ في الظاهر _ الحمد لله؛ إذ لم يعد يَرُد على هاتفه فضلًا عن أن يتصل!!
وبهذا يمنع (ابنُ الحرام) الخيرَ عن غيره وإن كان غيرُه (ابنَ حلال)، فـ (اللي بيتلسع من الشوربة بينفخ في الزبادي)!!
ذكَّرني الموقف بالحكاية الشعبية التي نقلها الناس عن (جُحا)، إذ طلب منه شخصٌ جنيهًا على سبيل السلف، فقال له جُحا: (بوس إيدي)!! تعجب الرجل، وقال لـ (جُحا): (أبوس إيدك علشان تِسَلِّفني جنيه)!! فردَّ (جُحا): (نعم، ما أنا بُكْرَة أبوس رِجْلَك علشان آخدُه منك)!!
خلاصة القول: (مِن خَد واِدَّى صار المال ماله)، وإياك أن تكون سببًا في منع الخير عن الناس بهذه الطريقة، إياك أن تكون (ابن….)!!