حازم البهواشي يكتب: إسرائيل وتوفيق البدري!!
أما إسرائيل فإنها لا تحتاج إلى تذكيرٍ بها، فهي عَلَمٌ على الكِيان الذي اغتصب _ بمساعدةٍ دولية _ أرضَ فلسطين، وأعلنوا أنها دولةٌ لهم في (14 مايو 1948م)، فأصبح اليومُ التالي (15 مايو) ذكرى للنكبة، وهي أيضًا المعروفةُ بانتهاك كل معاني الإنسانية، ومع ذلك لا يُحاسبها أحد!! هي المعروفةُ كذلك بمجازرها التي بدأتْ حديثًا عام 1937م في السادس من مارس بمجزرةٍ نفذتها عصابتا (الإنسل وليحي) في سوق حيفا، أدت إلى استشهاد (18) وإصابة (38)، مرورًا بـ “صابرا وشاتيلا” (١٦ و ١٧ و ١٨ سبتمبر ١٩٨٢م) التي نُفِّذَتْ بمُخَيَّمَي اللاجئين الفلسطينيين بلبنان وتتراوح تقديراتُ الضحايا فيها بين (750 و 3500) قتيل من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين، وربما لن تنتهي بـ (غزة) والقتلى الذين تعدَّوا (35) ألفًا، والمصابين الذين يقتربون من (80) ألفًا والدمار الذي لم يترك شِبرًا على الأرض!!
كل ذلك ولم تُحققْ إسرائيلُ أهدافَها من حرب الإبادة الجماعية باستخدام الأسلحة الأمريكية فضلًا عن أسلحة الجوع والعطش والمرض، في معاناةٍ لا يتحملها بشر، لكنَّ غالبيةَ الشعب الفلسطيني يتحملونها بصبرٍ لا يُمكن لأحدٍ أن يُجازيهم عنه إلا الله، فالصبر فوق كل تصور، وكذلك سيكون الجزاء.
تكذِبُ إسرائيلُ _ كعادتها _ وتُحاول خِداعَ العالَم بأن كتائبَ المقاومة التي تريد القضاءَ عليها أصبحت محاصرةً في رفح، ثم تأتي الأخبارُ التي تُعلن قتلَ جنودِ الاحتلال في شمال ووسط غزة لتُعلِنَ عكسَ ذلك، وهو ما يَشي بتخبُّطٍ في الداخل العسكري الإسرائيلي، لا يعرفون معه أين أسراهم؟! وأين قادةُ حماس؟! على أيةِ حال تُثبِتُ إسرائيلُ بالأفعال أنها لا تريد أن تتخلى عن المركز الأول للكِيان الأكثرِ عداءً وكراهيةً في قلب الشعب المصري الذي يَعي تمامًا أنه مهما حدث سيظل الخطرُ المُنتظر يأتي من جانب إسرائيل، وهو ما تعِيه القيادةُ السياسيةُ جيدًا بل وتستعد لكل سيناريوهاته.
وأما “توفيق البدري” فهو الشخصية التي رسمها ببراعة الراحل الفذ “أسامة أنور عكاشة” (27 يوليو 1941م _ 28 مايو 2010م) في رائعته (ليالي الحلمية) _ التي عُرِض الجزءُ الأول منها عام 1987م _ وقام بتجسيدها الفنان الكبير “حسن يوسف” (14 أبريل 1934م)، إنه واحدٌ من أفراد الشعب المصري يعي الخطرَ ويعرف من أين سيأتي، وعلى لسانِه حذَّر “أسامة أنور عكاشة” من اليهود، في رسالةٍ أراد “توفيق البدري” أن يبعثَ بها إلى الرئيس “جمال عبد الناصر”، هذا نصها: (بسم الله الرحمن الرحيم… السيد الرئيس “جمال عبد الناصر”: أكتبُ لكَ هذه الرسالة مُنبهًا ومُحذرًا، أنت تخشى الهجومَ من الإنجليز والفرنسيين ولكنْ أؤكدُ لك أن الهجومَ سيأتي من الشرق، فخذ حذرك واعلمْ أنهم نهازون للفُرص، والغدر يجري في دمائهم، فانتظرهم في سيناء وتأهب لهم. والله معك يوفقك ويسدد خطاك).
على أية حال، فرسالة “توفيق البدري” التي جاءت عام (1956م) لا تزال صالحةً حتى الآن وستظل.