جمال رشدي يكتب: حرب الوجود بين مصر والصهيونية
الأن تحالف الجميع ضد مصر، ولهم هدف واحد ان تظل مصر ضعيفة بدون تأثير بين الموت والحياة، ذلك الهدف داخل الذهنية السياسية لدول المنطقة والسبب هو عوامل تاريخية راسخة لا مجال للخوض فيها، أما أمريكا ودول الغرب كان لديهم نفس هدف دول المنطقة العربية في السابق، لكن الأن فأصبح الهدف أكون أم لا أكون، ” إما سقوط مصر أو سقوط الغرب” فكيف ذلك؟
هناك ولادة قوية لنظام عالمي قادم بقيادة دول البريكس، ذلك النظام القادم هو تكوين جاء من رحم ما عانت منه البشرية من ويلات وكوارث الصهيونية علي يد الأداء الغاشمة لها دولة أمريكا، فأصبح الخطر الذي يواجه الصهيونية ليس فقط ضياع حلمها الذي تم التخطيط له منذ مئات وآلاف السنوات وهو حكومة موحدة ” تحكم العالم ” بل الخطر هو تدمير كل الأدوات والأهداف الصهيونية، هنا شهيق وزفير أنفاس الصراع الشرس التي تقوده الصهيونية من اجل البقاء أو على الأقل التواجد بمساحة وأهداف اقل داخل النظام العالمي القادم.
والسؤال الأخر المطروح، وما تأثير مصر على هذا الصراع؟ الجواب يرجع تاريخيًا إلي سياسة نظام السادات الذي قال ان 99 % من اللعبة في يد أمريكا، وقام برمي مصر كليًا تحت القرار الأمريكي، ومنذ ذلك الحين تمدد النفوذ الأمريكي في المنطقة، واصبح مسيطرا علي كل مواردها وقرارها السياسي والعسكري، ومن هنا جاءت قوة أمريكا وسيطرتها علي العالم، فكانت البداية بالاتفاق مع السعودية بربط الدولار بالطاقة، والذي امتد لاحقا ليشمل دول الأوبك، ومن ثم اصبح الدولار هو الحاكم الفعلي لكل دول العالم لان الطاقة هي حياة الوجود لدول العالم، وليس هذا فقط، بل تمت البلطجة علي موارد المنطقة التي تعتبر المغذي الأوحد للثورة الصناعية التي تقودها القارة العجوز مع أمريكا.
ووصل المخطط الصهيوني إلي أخر امتار أهدافه، وهو حكومة موحدة تحكم العالم” تلك الحكومة ليسوا عناصر بشرية كما يعتقد البعض”، بل هي ” إدارة ذكية عن بعد “داخل دائرة الرقمنة والحوكمة والتي سيكون مقرها واشنطن أو إسرائيل مستقبلًا، ولحدوث ذلك كان يلزم تضمين استدامة لموارد تلك الحكومة، وهي ثروات وموارد الطاقة النظيفة والشرائح الإلكترونية، تلك الموارد لا تتواجد بكثافة وبشكل مستدام ألا في المنطقة العربية وعلي رأسها مصر بالتحديد، وهنا السبب الرئيسي لمشروع الفوضى الخلاقة بيد الصهيونية في المنطقة العربية، فكان الهدف من تلك الفوضى، تحويل مصر إلي دولة فاشلة ليتم تدميرها والتدخل للاستيلاء عليها، وبالطبع كانت ستسقط فورا كل الدول العربية في المنطقة ، والاستيلاء علي مصر كان سيعني تضمين الموارد المستدامة للحكومة الصهيونية الموحدة من للطاقة النظيفة والشرائح الإلكترونية.
لكن كانت المفاجأة الغير متوقعة والتي لم يوضع لها سيناريو داخل المخطط الصهيوني، وهي ثورة 30 يونيو العظيمة ضد الإخوان الذين هم صناعة وأداء صهيونية، من هنا بدأ العداء الأبدي بين الصهيونية ومصر، ومن ثورة 30 يونيو بدأت نقطة الانطلاق لمحاصرة المشروع الصهيوني وإسقاطه، وما قامت به الدولة المصرية في هذا الشأن سيجعل كل دول العالم مدينه لها بالتواجد عبر كل التاريخ القادم ، وبدأ تفعيل تكوين دول البريكس بقيادة روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل، وجاءت خطوات روسيا في مواجهتها للصهيونية علي الأرض الأوكرانية لتكون الخطوة الأولي لكسر العلاقة بين الدولار والطاقة وقد تحقق نجاح كبير وعظيم في ذلك الاتجاه.
لكن بقيت أنظار الصهيونية علي الخطوات المصرية لأنها هي فقط من سيحسم هذا الصراع وقد كان، فأعلنت روسيا اعتماد الجنية المصري في التعاملات التجارية بين الجانبين ثم بعد ذلك قيام الرئيس السيسي بزيارة مهمة لدولة الهند وأرمينيا وأذربيجان ” المعسكر الشرقي ” الظهير الهام للنظام العالمي الجديد، وقد اعلن وزير خارجية روسيا ان دول البريكس تفكر في إصدار عملة موحدة، وأخيرًا اعلن أعلنت مصر انضمامها إلي بنك التنمية الجديد ” بريكس” كل ذلك تمهيدًا لانضمام مصر اليهم، وذلك يعني هزيمة الصهيونية وضياع أخر احلامها حتي بالمساومة علي التواجد داخل النظام العالمي القادم، ولذلك ستقود معركة حياة أو موت ضد مصر، وفي هذا المقال أطالب كل مواطن شريف بمساندة وطنه بقوة، وأطالب القيادة السياسية باتخاذ قرارات حاسمة وسريعة لتغيير مسار تعاطيها السياسي مع جميع الملفات في الداخل، لأننا لا يمكن الصمود أمام حرب الخارج ألا بصمود جبهة الداخل التي تعاني من تصدع شديد من جراء سياسات خاطئة يتم من خلالها إدارة ملفات الداخل وعلي الرأس الملف الاقتصادي.