مقالات الرأى

جاكلين على تكتب:الشكر فضيلة…فلا ننساها

يقول ربنا -عز و جل- في كتابه الكريم”وقليل من عبادي الشكور” [سبأ: 13].
وامتدح الله عبده لقمان، بأن آتاه الحكمة ورزقه الشكر، فقال-جل وعلا-“ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد” [لقمان:12].
كما وصف الله نبيه نوحا في قوله “إنه كان عبدا شكورا”[الإسراء:3]. ويروى أن نبي الله موسى-عليه السلام- قال يوم الطور: يارب إن أنا صليت فَمِنْ قِبلك، وإن أنا تصدقت فَمنْ قِبلك، وإن أنا بلغت رسالتك فَمِنْ قِبلك، فكيف أشكرك؟ قال: الآن شكرتني.

والشكر يكون في ثلاثة مواضع: بالقلب واللسان والجوارح.فبالقلب، بالاعتقاد أن الله-وحده- هو المنعم المتفضل بهذه النعم، لقوله-جل وعلا- “وما بكم من نعمة فمن الله” [النحل:53]، وأن خلقه الكرام هم سبب من فضله لجريان النعمة على أيديهم. يقول رسولنا الكريم-صلى الله عليه وسلم-“لا يشكر الله من لا يشكر الناس”.
وقال -صلى الله عليه وسلم-:”ما أنعم الله على عبد بنعمة، فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة”.
والشكر باللسان لقوله تعالى”وأما بنعمة ربك فحدث” [الضحي:11]. فيعترف العبد بنعمة ربه، ودليلا على قبوله لها، وشكرا لمن أسداها، وأنعم عليه بها، وذلك بلسان مقاله وحاله.
وذكرها بالجوارح: أن نعمل بطاعة الله، وأن نرى أثر نعمته علينا، كما فسرها العلامة ابن عثيمين من سورة البقرة.

وقد قال الشاعر “الوراق”، من العصر العباسي:
إذا كان شكري نِعْمَةَ الله نعمةً، عليَّ له في مثلها يجبُ الشكرُ
فكيف وقوعُ الشكر إلا بفضله، وإن طالت الأيامُ واتصل العمر
إذا مس بالسراءِ عمَّ سرورُها، وإن مسَّ بالضراءِ أعقبها الأجر
وما منهما إلاّ لـه فيه مِنّـةٌ، تضيقُ بها الأوهامُ والبـرُّ والبحر.

فالشكر دليل على وعي صاحبه، ودماثة خلقه، وطيب أصله، وهو برهان على تحضره ورقيه. كما أنه من شيم أصحاب المروءة، وصفة لأزمة لغاية القوم والنبلاء..فكلما ارتقى الإنسان اجتماعيا وثقافيا، كثر استخدامه لمفردات الشكر، وتعبيراته المختلفة.
وعلى النقيض من ذلك، كلما انخفض مستواه الثقافي والحضاري والأخلاقي، ندرت عبارات الشكر على لسانه، ولم يشعر بحاجته إليها؛ لعجزه عن إدراك حقوق الآخرين عليه.
كذلك يجب اعتدال الشكر، تكريما لمن نمدحه، وتأكيدا له بأنه أهل لما فعل، لذا علينا-جميعا- ألا نغفل فضيلة الشكر، وألا ننساها في معاملتنا مع الجميع.
وأكد تلك المعاني مدير تحرير الأهرام، ورئيس تحرير مجلة الشباب-سابقا- الكاتب الصحفي الكبير”عبد الوهاب مطاوع”-رحمه الله-، حينما قال إن فضيلة الشكر تأسر القلوب وتحثها على العطاء والمشاركة، بدلا من الانكفاء على الذات.
كما نصح الكاتب الراقي”كريم الشاذلي” بضرورة تحقيق المعادلة الصعبة في عدم انتظار الشكر من الناس، وألا ننسى شكرهم.

زر الذهاب إلى الأعلى