أمرتِ النيابةُ العامةُ بحبسِ امرأةٍ متهمةٍ بقتلِ ابنِها البالغِ من العمرِ نحوَ خمسِ سنواتٍ عمدًا مع سبقِ الإصرارِ بفَاقُوسَ، وذلكَ بعدما أقرَّتْ بارتكابِ الجريمةِ خلالَ استجوابِها في تحقيقاتِ النيابةِ العامةِ، وبعدما توصلتِ التحقيقاتُ حتى ساعتِهِ وتاريخِهِ إلى الوصولِ إلى أدلةٍ تُؤكّدُ ثبوتَ الواقعةِ وصحةَ إسنادِها إلى المتهمةِ المحبوسةِ.
حيثُ كانتْ قد تلقتِ النيابةُ العامةُ إخطارًا من الشرطةِ مساءَ أولِ أمسِ الخميسِ الموافقِ السابعِ والعشرينَ من شهرِ إبريلَ الجارِي مُفادُهُ قتلُ المتهمةِ ابنَها وتقطيعُها جسدَهُ وإخفاؤُها الأشلاءَ بمسكنِها، فبادرتِ النيابةُ العامةُ بسرعةِ الانتقالِ لمسرحِ الجريمةِ لمعاينتِهِ، وبالتزامنِ مع ذلكَ بادرتْ بسرعةِ استجوابِ المتهمةِ وسؤالِ الشاهدِ الذي اكتشفَ الواقعةَ وأبلغَ الشرطةَ عنها، حيثُ شكلتِ النيابةُ العامةُ فريقيْنِ؛ انتقلَ أحدُهما إلى مسرحِ الجريمةِ في رُفقةِ الطبيبِ الشرعيِّ وخبراءِ الإدارةِ العامةِ لتحقيقِ الأدلةِ الجنائيةِ بعدَ تمامِ التحفظِ على مسرحِ الجريمةِ، حيثُ تمتْ معاينتُهُ بدقةٍ على مدارِ ساعاتٍ متواصلةٍ عُثرَ خلالَها على كافةِ أشلاءِ وأجزاءِ جسدِ المجنيِّ عليه، وعُثرَ على سلاحَي الجريمِة وآثارٍ لهَا بكافَّةِ أرجاءِ المسكنِ، وكذا كشفتِ المعاينةُ عن الكيفيةِ التي حاولتِ المتهمةُ بها إخفاءَ الأشلاءِ والعبثَ في هُويّتِها، بينما اختصَّ الفريقُ الآخرُ باستجوابِ المتهمةِ التي أقرَّتْ بتفصيلاتِ ارتكابِها الجريمةَ، وبواعثِها وراءَ ارتكابِها، وقصدِها منها، وكيفيةِ تخطيطِها وتنفيذِها هذا المخططَ، وأجرَتْ محاكاةً لكيفيةِ ارتكابِها الجريمةَ بمسرحِ الواقعةِ، كما قام الفريقُ نفسُه في الوقتِ ذاتِه بسؤالِ الشاهدِ الذي اكتشفَ الواقعةَ بعدما حاولتِ المتهمةُ إثناءَهُ مرتيْنِ عن التواجدِ في مسرحِ الجريمةِ يومَ اكتشافِها، وسؤالِ أحدِ الذينَ على صلةٍ بالمتهمةِ، حيثُ تمَّ الوقوفُ منهما على معلوماتٍ تُفيدُ في كشفِ الحقيقةِ، وبيانِ ملابساتِ ارتكابِ الواقعةِ.
هذا، وقد لاحظتِ النيابةُ العامةُ وتابعتْ عن كَثَبٍ ما تمَّ تداولُهُ بمواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ والمواقعِ الإخباريةِ المختلِفةِ من تكهناتٍ وتأويلاتٍ كاذبةٍ وغيرِ صحيحةٍ، إِمَّا عن كيفيةِ ارتكابِ الواقعةِ أو سببِها أوِ الباعثِ من ورائِها، بل استطالتْ -دونَ سندٍ جازمٍ- إلى ادعاءِ اختلالِ القُوَى العقليةِ للمتهمةِ أو صحتِهَا النفسيةِ كسبَبٍ لارتكابِهَا للجريمةِ، وهو ما لم تُسفرْ عنه التحقيقاتُ حتى ساعتِهِ وتاريخِهِ، بل توصلتْ إلى عكسِهِ، حيثُ رجّحتْ شواهدُ وأماراتٌ عديدةٌ سواءٌ خلالَ إجراءاتِ المعاينةِ، أوِ استجوابِ المتهمةِ، أو سؤالِ الشهودِ، رُجحانَ سلامةِ قُواها العقليةِ والنفسيةِ، وهو الأمرُ الذي تَسعى النيابةُ العامةُ إلى التحقُّقِ منه على نحوٍ يقينيٍّ بإجراءاتٍ قانونيةٍ رسميَّةٍ محددةٍ.
كما لاحظتِ النيابةُ العامةُ تداولَ تأويلاتٍ منسوبةٍ إلى إقراراتِ المتهمةِ في التحقيقاتِ أو ملابساتٍ مُدّعًى بتوصلِ التحقيقاتِ إليها على نحوٍ غيرِ صحيحٍ، ولا هدفَ ولا غرضَ منه سوَى لفتِ الانتباهِ وتكثيرِ سَوادِ المتابعينَ، ممَّا يُؤثرُ في سلامةِ الأمنِ والسِّلْمِ المجتمعيِّ، ويُؤثّرُ في حُسنِ سيرِ التحقيقاتِ.
ولذلك تُهيبُ النيابةُ العامةُ بالكافَّةِ إلى الِالتزامِ بما يصدرُ مِن إدارةِ البيانِ بمكتبِ النائبِ العامِّ من بياناتٍ رسميَّةٍ بشأنِ الواقعةِ وتحقيقاتِها وما سوفَ تَنتهي إليه، وكذا تدعُو الكافةَ إلى معاونةِ جهاتِ التحقيقِ المختصةِ بالحدِّ من تداولِ الشائعاتِ والأخبارِ الكاذبةِ، وتقديمِ كلِّ ما تُتوقّعُ إفادتُهُ التحقيقاتِ إلى الجهاتِ المختصَّةِ بها حتى انتهاءِ التحقيقاتِ.