ثقافة وابداع

الملكية الفكرية وصناعة النشر “بالأعلى للثقافة

كتبت : أنس الوجود رضوان

نظمت لجنة حماية الملكية الفكرية برئاسة الدكتور أشرف جابر بالتعاون مع لجنة الكتاب والنشر بالمجلس الأعلى للثقافة برئاسة الدكتور شريف شاهين، ندوة بعنوان: (الملكية الفكرية وصناعة النشر)، وذلك أمس الثلاثاء الموافق 30 أبريل فى تمام الساعة السادسة مساءً، وأدار النقاش الدكتور عبد الله نور الدين؛ عضو لجنة حماية الملكية الفكرية، وشارك فيها كلًا من: الدكتورة سرفيناز أحمد مديرة المكتبة المركزية جامعة القاهرة، وعضوة لجنة الكتاب والنشر، والدكتورة رنا أبو الأنوار؛ المشرف العام على الملكية الفكرية والتعاون الدولى بالمركز القومى للترجمة سابقًا، والدكتور حسام لطفى؛ أستاذ القانون المدنى بكلية الحقوق جامعة بنى سويف، وعضو اللجنة.

تحدثت الدكتورة سرفيناز عن موضوع صناعة النشر فى ظل تطبيقات الذكاء الاصطناعى؛ حيث أوضحت أن صناعة النشر لها حلقات رئيسية، وهى تأتى على النحو التالى: التأليف ثم التسويق والتوزيع ، ويتبع ذلك الصناعة والتجسيد (الناشر)، المرسل وهو المؤلف، فنجد أن دورة صناعة النشر تبدأ بالمرسل وهو المؤلف ثم الناشر ثم تأتى مرحلة الإعداد والتحرير، وتليها مرحلة الطباعة، وتعقبها مرحلة التوزيع وصولًا إلى المستقبل فى الأخير وهو المستفيد النهائى، وتناولت حق المؤلف فى عصر الإنترنت قائلة: “فى عصر تكنولوجيا المعلومات تعجز القوانين الوطنية عن تنظيم أو تجريم ما يحدث من أفعال الإعتداء على المصنفات عبر الشبكة، وتلك الأفعال لا تعرف حدودًا إقليمية إذ تتجاوز تلك الحدود.
ونظرًا لعجز القوانين الوطنية عن توفير الحماية، نجد قيام الأشخاص أنفسهم بابتداع طرق آلية خاصة لحماية مصنفاتهم، ويطلق عليها الحماية الخاصة Private ordering”.
وفى مختتم حديثها قدمت عدة مقترحات على التأكيد على احترام حق الانسان وابداعاته، وتعديل القوانين والتشريعات والتفرقة بين حماية الانتاج الفكرى البشرى والإنتاج الفكرى الاصطناعى؛ و قضت محكمة أمريكية فى العاصمة واشنطن بأن الأعمال الفنية المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعى دون أى تدخل بشرى لا يمكن أن تكون محمية بحقوق الطبع والنشر، ووضع أطر قانونية تنظم عمل تطبيقات الذكاء الاصطناعى”.

وتحدثت الدكتورة رنا أبو الأنوار حول صناعة النشر بين مجتمع المعرفة والتنمية المستدامة، وأكدت أن الاحتفال باليوم العالمى للكتاب وحق المؤلف أتى ليكون دعوة نحو التعبير والإبداع فى مختلف أصناف السرد والعلوم، وليس فقط دعوة للقراءة والاحتفاء بمتعتها؛ فالمؤلف أو المبدع هو السبب الأصيل فى وجود مادة الكتاب الذى يصل إلينا مهما تعددت صور تداوله، ولا أنسى فى هذا السياق المترجم والرسام ومصمم الغلاف؛ فجميعهم يقدمون فى حلقة النشر إبداعا له حق ملكية، لا يمكن استخدامه أو النقل عنه دون الحصول على التصريح اللازم لذلك، وتابعت قائلة: “تعتبر صناعة النشر من أقدم الصناعات الثقافية فى مصر منذ الربع الأول من القرن التاسع عشر. ولا يزال معرض القاهرة الدولى للكتاب من أهم التظاهرات الثقافية فى الوطن العربى منذ إقامته للمرة الأولى عام 1969م على يد الدكتورة سهير القلماوى والدكتور ثروت عكاشة. ولا يمكننا الحديث عن الكتاب والثقافة دون أن نتوقف عند مفهوم مجتمع المعرفة الذى جاء ليعبر عن المجتمع الذي يدفع بأفراده لتكوين المعرفة ونشرها وتوظيفها اقتصاديا”.
وفى مختتم حديثها أوضحت أن أهم خصائص هذا المجتمع تتمثل فى توافر آليات حماية للرصيد المعرفي الذى ينتجه أفراده واعتبار هذه الآليات أحد أهم أدوات بناءه؛ فالمجتمع الذى يعانى أفراده من ضياع حقوقهم الفكرية لا يمكن أن يحقق الدعم لمبدعيه وباحثيه، ولا يمكن أن تقوى فيه صناعة ثقافية بحيث تؤثر بشكل ملموس فى ناتجه الإجمالى المحلى، وكان قد طرح بيتر دراکر Drucker عالم الاقتصاد والإدارة الشهير فى بداية ستينيات القرن الماضى تحليلًا استشرافيًا عن اختلاف مجتمع ما بعد الرأسمالية بكونه سوف يتميز بأن تصبح المعرفة هى المورد الرئيسى فيه وليس رأس المال أو الخامات، وأنه سيضم طبقات مختلفة عن تلك الموجودة فى المجتمع الرأسمالى؛ فبينما كان يتكون المجتمع الرأسمالى من طبقتين هما أصحاب رؤوس الأموال والعمال، سيتكون مجتمع المعرفة من طبقتين أساسيتين هما: عمال المعرفة، وعمال الخدمات، وستكون الأنشطة المعرفية هى الأساس فى إنتاج الثروة الاقتصادية. ولا يمكن إنكار تحقق ذلك فى وقتنا المعاصر حيث أضحى التمييز بين مجتمعات العالم الأول والعالم الثالث يرتكن إلى عامل إنتاج العلم والمعرفة أو استهلاكها، وهو ما يستلزم بالتالى ضرورة مراجعة المجتمعات والأنظمة السياسية العربية لتوجهاتها الإنمائية، وآلياتها، ورسم خططًا مستقبلية بديلة تتناسب مع الاحتياجات والمتطلبات المعاصرة للمجتمع الحديث القائم على اقتصاد المعرفة، وهو ما يأتى متماشيًا دون خيار مع خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030م والتى طرحتها المنظمة منذ عام 2015م وتبنتها كافة الدول الأعضاء، ومن بينها مصر فتمت صياغة الاستراتيجية الوطنية المصرية (رؤية مصر 2030م).

ختامًا تحدث الدكتور حسام لطفى مؤكدًا أهمية موضوع النقاش وهو الملكية الفكرية وصناعة النشر بما يتصل بهذا من تحديات وفرص، وتابع قائلاً: “لدينا مشكلة كبيرة جدًا وهى إشكالية المصطلح الذى تكلم عنه المصنف، يجب أن نعرف المصنف وهنا نتحدث عن فكرة الابتكار “Originality”؛ فلو كان الكتاب مجرد تحصيل واسترجاع، أو إذا كان الكتاب يهدف إلى المتاجرة، أو كان ذلك الكتاب صادرًا حكوميًا؛ فيكون ذلك الكتاب ليس محميا على الإطلاق.

وطرح سؤال هل يتم توصيف ما يؤلف بواسطة تطبيقات الذكاء الاصطناعى مثل “شات جى بى تى” كمؤلف إبداعى؟ والإجابة نعم؛ فهذا التطبيق يعتبر مجرد أداة من الأدوات التى يستعملها المؤلف”.

زر الذهاب إلى الأعلى