اللواء مروان مصطفى يكتب : فصل امريكي جديد في مسرحية حرب غزة
ماذا تريد حماس ؟ .. الجميع يعلم ماذا تريد اسرائيل ولكن لا أحد يعرف تحديداً نوايا حماس وأهدافها الخفية.. فهي تصر علي ايقاف الحرب نهائيا وتخرج الجيش الاسرائيلي من كامل غزة ويعود السكان الي شمال ووسط غزة ،ويبدأ اعمار غزة كما كان الحال قبل ٧ أكتوبر ،وهي شروطا تعلم جيداً أن اسرائيل يستحيل أن توافق عليها وترفضها لأن الموافقة عليها تعتبر شهادة رسمية أمام شعبها والعالم اجمع بهزيمتها وهو بالطبع ما ترفضه تماما..ولما فشلت المفاوضات .. كانت سعادة نتنياهو بالغة وطار من الفرحة ، لأنه يريد الحرب وليس لديه ما يخشاه ، ويلعب الوقت في صالحه حتى ينتهي من ابادة العدد الأكبر من الفلسطينيين ، وتشريد الباقيين منهم لكي يموتوا في العراء من الجوع والعطش .. وتهجير من قد يتبقى منهم الي خارج غزة دون الالتفات لأي ضغوطات داخلية أو دوليه، وهو يسعي جاهداً لتوسيع دائرة الحرب علي سوريا ولبنان وخصوصاً مصر مستغلا فرصة تواجد الأساطيل البحرية العظمي في السواحل المحيطة بمصر. لأن تطويل أمد الحرب وإدخال أطراف إقليمية أخرى فيها يجبر امريكا على التدخل العسكري وهو ما يعتبر طوقاً لنجاته ومخرجاً مشرفاً لهزيمته.
لقد أصبحت مصر هي الدولة الأكثر تضررا في العالم من تلك الحرب وهي ليست طرفاً فيها ، ولا تعلم حقيقه خفاياها وأسرار أجندتها ،ولاتزال تهدد أمنها القومي بشدة ، كما أثرت علي اقتصادها بصورة بالغة ، وخنقت قناة السويس التي انخفضت ايراداتها لأكثر من النصف بسبب مسرحية الحوثيين الهزلية..
في ذات الوقت الذي قام فيه آخرون بفتح موانيهم البحرية وحدودهم البرية لفك الحصار على اسرائيل ولإيصال البضائع والاحتياجات اللازمة لتل أبيب .
وعلشان السياحة مصدر أساسي للدخل القومي المصري كان لازم تتعرض كمان لضربة موجعة من لعبة المسيرات والصواريخ الحوثية التي كانت تسقط في دهب ونويبع وشرم الشيخ .
باختصار شديد.. كان المقصود من كل المسرحية دي ضرب اهم وأكبر موارد الاقتصاد المصري.. بما يضمن انهياره وعجزه ، واسقاطها من الداخل وتفتيتها لاخضاعها لتنفيذ المخطط المرسوم .
ومما أكد ذلك ..ما نشرته جريدة ( وول ستريت جورنال) من معلومات عن حدوث خلافات وانقسامات حادة بين قيادات حماس الموجودة في قطر والتي تشارك في المفاوضات (وهو ما سبق ان أشرت اليه في مقال سابق) وقد وافقت تلك القيادات علي تقديم تنازلات بقصد الوصول الى هدنة مؤقتة خلال شهر رمضان تخفيفا علي معاناة الشعب الفلسطيني ، ومنحه فرصة لالتقاط الأنفاس ولتأجيل الهجوم البري علي رفح …ولكن الغريب والعجيب كما نشرت الصحيفة ان يحيي السنوار وقادة الانفاق اعترضوا علي الهدنة وطالبوا باستمرار الحرب وعدم ايقافها ، ثم انقطع الاتصال والتواصل بينهم ، وهو ما أدي الي عودة الوفد المفاوض وفشل المفاوضات وهو ما أسعد نتنياهو وحكومته غاية السعادة.
والاغرب أنه في تطور جديد بعد فشل تلك المفاوضات فوجئنا بإعلان الرئيس بايدن عن نية امريكا في اضافة فصل درامي جديد للمسرحية.. حيث قرر تكليف الجيش الأمريكي بإنشاء ميناء بحري علي سواحل غزة يتم تجهيزه لاستقبال السفن الكبيرة وفتح خط بحري من قبرص لإرسال المساعدات الانسانية والطارئة لغزة ..(وقال البنتاجون بعد ذلك أن عملية الانشاء ستستغرق شهرين) .وهو ما وافقت عليه اسرائيل ورحبت به علي الفور .
وتخيل العالم أنه اخيراً قد رق قلب الأمريكيين وازداد تعاطفهم مع الشعب المغلوب على أمره… وتسائل الجميع في دهشة واستغراب .. ألم يكن من الأفضل، والأسرع ، والأقل تكلفة أن تضغط امريكا علي اسرائيل لإدخال المساعدات المتراكمة علي السيارات أمام المعابر بدﻻً من انشاء ميناء بحري مؤقت …وما أثار الريبة والشكوك أكثر وأكثر.. اشمعني قبرص بالذات ، وليه مش اي بلد تانية .. وده طبعاً يا سادة لأن أمريكا وانجلترا أرسلوا ( قوات الانتشار السريع وقوات المارينز وقوات الدلتا فورس ) ذات المستويات التدريبية والتسليحية العالية علي سبيل الاحتياط والجاهزية للقواعد العسكرية في قبرص للتدخل العاجل والمباشر لدعم اسرائيل اذا ما تطلب الأمر ذلك.
ودلوقتي بعد ما تأكد فشل الجيش الاسرائيلي، وانهاكه ، وعدم قدرته علي تحقيق أي نجاح علي الارض، ونظراً لأصرار مجلس الحرب علي مهاجمة رفح ومحور فيلادلفيا (الذي وضعت مصر خطاً أحمر له ) وطورت استعداداتها وتجهيزاتها ، وتحركاتها العسكرية استعداداً للحرب ..
وعلشان كده جايز جداً ان مخرج المسرحية الامريكاني لما شاف أن المواجهة العسكرية مع مصر لن تكون في صالح اسرائيل.. وخاف عليها.. فتفق ذهنه عن خطة لحمايتها بإرسال بعض قواتهم لها من قبرص تحت غطاء وهمي بذريعة بناء ميناء بحري علي ساحل غزة لتوصيل المساعدات الانسانية .. وهو ما وافقت عليه اسرائيل طبعاً علي الفور.
مما لاشك فيه أن التصعيدات تتطور بسرعة بالغة .. ويعلم الله وحده مداها ومنتهاها.. وربنا يستر على بلدنا وخصوصاً بعد ما بدأت ازمتها الاقتصادية في الانفراجة وده طبعاً علي غير هواهم وضد أهدافهم ومخططاتهم .
تخيلوا ان وسط كل التصعيدات والتهديدات دي ..نلاقي فئة من تجار القضية الفلسطينية ومرتزقيها، ومعاهم كل الجاحدون والكارهون في داخل مصر وخارجها .. يستفزونها، وينتقدونها ، ويطالبوها بخبث ومكر شديد للدخول في حرب جديدة وهي حرب لا نريدها، ولا نسعي لها، ولا ناقة لنا فيها ولا جمل .
لك الله يامصر.. ربنا يرعاك, ويحفظك, وينصرك علي اعدائك .. أنه نعم المولي ونعم النصير .
لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب