مقالات الرأى

اللواء مروان مصطفى يكتب : استمرار خيانات الاصدقاء وطعنات الاشقاء

0:00

مش ملاحظين حجم المؤامرات والتهديدات اللي تتعرض لها مصر في الفترة الأخيرة … خيانات وطعنات متتالية من اللي حوالينا.. في ليبيا وفي السودان ومن اثيوبيا .. محاصرة حدودنا البحرية بالأساطيل الأمريكية والأوروبية بحجة حماية اسرائيل .. وكمان اضعاف اهم مواردنا المالية قناة السويس والسياحة .. ده غير فخ القروض والديون اللي دخلناه بمزاجنا ، وطبعا ضغوطات صندوق النقد الدولي ، وكمائن نصابية الأموال الساخنة ومخاطرها .. ده غير حرب المياه اللي احكموها علينا .. وفوق ده كله التباعد والفتور من الاشقاء العرب وخيانة البعض منهم بسبب ضغوطات او تعليمات فرضت عليهم .
وأخر الطعنات وأخطرها جاءت من جنوب السودان ..وقبل ما احكي تفاصيلها لازم تعرفوا ان جنوب السودان دولة المفروض انها حليفة لمصر، لأننا نساعدها دايما وفي كل المجالات ، ونفذنا عندهم ٢٠ محطة مياه ،٣٣ محطة رفع للآبار الجوفية ،ومشروعات لتطهير المجاري المائية ، وكمان محطة للتنبؤ وقياس للأمطار ، والكثير من المنح الدراسية لطلابهم ، ده غير مئات الآلاف من لاجئيهم اللي في شوارعنا .
وأصل الحكاية يرجع لبدايات عام ١٩٩٩ لما دول حوض وادي النيل اجتمعوا وعملوا اتفاق تعاون .. وفي ٢٠١٤ وقعوا اتفاقية اسمها ( اتفاقية عنتيبي ) وافقت عليها ( اثيوبيا وتنزانيا واوغندا ورواندا وبعدين انضمت كينيا وبوروندي) لإنشاء مفوضية جديدة لإدارة مجري ( نهري النيل الابيض والازرق) ولتشرف على قضاياهما ، ولتلغي الحصص التاريخية التي حددتها الاتفاقيات القديمة لمصر والسودان ، ولتحدد حصص مائية جديدة لكل دولة بأساليب عادلة ومنصفة ، واضافوا بنداً خطيراً يسمح لأي دولة من دول المنبع اقامة اي مشروعات علي النهرين بدون موافقة أو حتي اخطار دول المصب .
وعارضت ( مصر والسودان) تلك الاتفاقية لعدم اعترافها بالحصص التاريخية المخصصة لهما كدول المصب .
و بدأ التصديق علي الاتفاقية ٢٠١٣ وصادقت كل من (أثيوبيا ورواندا وتنزانيا واوغندا وبوروندي ) وكان الامر يتطلب تصديق ٦ دول علي توقيعاتهم لبدء سريان الاتفاقية، ولهذا توقف سريان الاتفاقية لحين توقيع دولة سادسة .. وهدأت الامور ،واعتقدنا ان الاتفاقية قد ماتت وانتهت بلا رجعة.
ولكن فجأة وبلا مقدمات .. اعلنت دولة جنوب السودان في بداية الشهر الجاري موافقتها علي التصديق علي الاتفاقية .. وفي اليوم التالي اعلن رئيس وزراء اثيوبيا عن بدء سريان الاتفاقية بعد شهرين من تصديق جنوب السودان عليها.
ولم يقتصر الامرعلي ذلك ..فقد تداولت معلومات في الكواليس الأفريقية عن قيام الامارات العربية الشقيقة مؤخراً بعقد صفقة كبيرة دفعت بمقتضاها ١٣ مليار دولار لجنوب السودان( التي يبلغ كل ناتجها القومي ١٢مليار دولار) لشراء بترولها ومنحتهم قرضاً ب ٨٥٠ مليون لإنشاء خط انابيب لنقله لإثيوبيا .
ولما كانت اثيوبيا دولة حبيسة لا تملك أي منافذ أو مواني علي البحر الاحمر قامت مؤخرا (بخبث ودهاء شديد) بالتعاقد مع( دولة صومالي لاند ) التي يحكمها جماعات مسلحة انفصلت عن جمهورية الصومال بعد سنوات من النزاع المسلح بعدما استولت على ميناء بربرة الصومالي على البحر الأحمر.. ودفعت لهم إثيوبيا مقابلاً طائلا ، واعترفت بهم دولياً..لاستئجار الميناء لانشاء قاعدة بحرية اثيوبية عليهوتقوم الإمارات بتطويره وتعديله . ..و تتولي الإمارات تطويره وادارته .
وقد زادت ريبة وشكوك المحللين والسياسيين حول الدورالاماراتي ونواياه .. لتزامن تلك الصفقة المريبة مع قرار جنوب السودان بالتصديق علي الاتفاقية التي تمثل طعنة غائرة في الظهر المصري ، كما انها تحقق الحلم الاثيوبي في انشاء قاعدة بحرية تمكنها من السيطرة علي باب المندب ، وتهدد التواجد البحري المصري في البحر الاحمر .
وأود ان اؤكد ..انني لا أشكك في النوايا الاماراتية ( التي يعلمها الا الله وحده) ولا يمكن ان انكر اطلاقا مدي مساندتها ووقوفها مع مصر وشعبها في ازماتها وشدائدها علي مر التاريخ .. ولكن الامر يتطلب ضرورة الايضاح والتأكيد حفاظا علي الروابط الأخوية .
وانتهز الفرصة لكي أشير وأشيد بالتحرك المصري الاخير .. والذي تم بمقتضاه تفعيل وسريان اتفاقية الدفاع المشترك مع جمهورية الصومال بما يسمح للجيش المصري بالتواجد هناك للدفاع عن الصومال وحمايتها ولاستعادة اراضيها التي تم احتلالها ..وهو ما يظهر العين الحمراء والمخالب المصرية للجانب الاثيوبي.
وأتمني ان تتوصل مصر لحلولا ممكنة للتوابع الكارثية لتلك الاتفاقية قبل استفحال الامور مثلما حدث مع اثيوبيا ..وأن تنتهج سياسات ومواقف اكثر حسماً وحزماً بعيداً عن لغة العواطف ، وعدم الاعتداد بوعود الشرف والاحضان والقبلات الدبلوماسية الواهية ، وعدم الافراط في الارتكان لقواعد المؤامات السياسية والصبر الاستراتيجي التي طالما أدت لضياع الفرص واستفحال الامور
ان عالم اليوم يا سادة … لا يعترف ، ولا يحترم سوي القوي القادر علي حماية حدوده ومصالحه ومقدراته ..لأن
( العافي محدش يقدر يأكل لقمته ، ولا يشرب مايته )

وللحديث بقية ..

لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب

زر الذهاب إلى الأعلى