اللواء د. شوقي صلاح يكتب : هل يسقط بايدن في فخ نتنياهو ؟؟؟
مقال:
– هناك قاعدة يتلخص مضمونها في أنه: إذا أردت تغيير اتجاه قائد ما.. لتدفعه باتخاذ قرار سياسي مغاير لموقفه الأصلي في مسألة جوهرية.. فعليك ألا تطرح المبررات مباشرة عليه، بل اتخذ ما من شأنه التأثير على مستشاريه الثقات وبأي وسيلة.. لإخضاعهم للقيام بإقناعه بأن الاتجاه العكسي هو الأصوب؛ والذي به تتحقق المصالح العليا لدولته، والأهم أن يتم إقناع هذا القائد بأن مصالحه الشخصية لا تتحقق إلا بالتحرك في الاتجاه المعاكس.. وربما هكذا زين عملاء إسرائيل في الإدارة الأمريكية للرئيس بايدن أن اتساع نطاق الحرب بالشرق الأوسط يحمل معه الكثير من المكاسب السياسية، التي هو في أشد الحاجة إليها.. ومن هذا المنطلق يبدو أن نتنياهو سينجح في ترويض قادة البيت الأبيض.. !!!
– وإذا كانت معطيات الموقف الأمريكي من حرب إسرائيل على غزة تشير إلى
رغبة واشنطن في عدم اتساع دائرة الحرب بدخول أطراف جدد.. مما تضطر مع القوات الأمريكية بالتدخل، وهو موقف حكيم لعدم استنزاف واشنطن استنزافا قد يؤدى لخسارتها خسائر جسيمة في ميادين صراعات أخرى.. بينما نتنياهو يرى منذ بداية الحرب أنه أمام معضلة عملية؛ فهو يريد اتباع استراتيجية حرب طويلة الأمد، رغم ما يترتب على هذا من نتائج كارثية على الاقتصاد من ناحية، بجانب الخسائر البشرية في جيشه وهي الأخطر، من ناحية أخرى.
– هذا، ولعل مؤشرات الموقف الراهن تأخذنا إلى أن واشنطن غالبا غيرت استراتيجيتها المتمثلة في عدم رغبتها في توسيع نطاق الصراع؛ خاصة بعد مجموعة من أعمال الاغتيالات لقادة المقاومة، كان أهمها تصفية صالح العاروري القيادي الكبير في حماس وقادة آخرون كانوا برفقته في الضاحية الجنوبية بلبنان – وغير متصور أن إسرائيل اتخذت هذا القرار دون ضوء أخضر من واشنطن- وأعقب العملية قيام حزب الله باستهداف إسرائيل بحوالي ستين صاروخا مستهدفا بها منشآت عسكرية إسرائيلية بالغة الحساسية في الشمال الإسرائيلي.. مما يهدد بحرب شاملة، خاصة وقد نُفذت عمليتا تفجير في إيران بالقرب من ضريح قاسم سليماني، واتهمت فيها طهران واشنطن، رغم نفي الأخيرة ضلوعها في هذا الشأن.
– والسؤال الذي غالبا ما يطرحه القارئ في هذا السياق: لماذا تفترض بأن واشنطن غيرت اتجاهها وبات الأمر مرجحًا أن تخوض مع إسرائيل حربا شاملة ومفتوحة ضد إيران وأذرعها بالمنطقة ؟
ولعل إجابتي – بجانب المؤشرات السابق ذكرها- أن الرئيس بايدن قد يراهن على تحقيق انتصار حاسم على ألد أعداء إسرائيل في المنطقة، وبهذا تراوده أحلام الانتصار في السباق الرئاسي المقبل، خاصة أن شعبيته تبدو متدنية ولا توفر له سياساته الحالية بشأن صراع الشرق الأوسط من ناحية، والصراع الروسي الأوكراني من ناحية أخرى أي مؤشرات نحو حسم الانتخابات لصالحه.. فهو يحتاج لانتصار واضح ومكاسب ميدانية يتغير بها موقفه السياسي بشكل إيجابي.. ونرى أن هذه المغامرة هي مقامرة غالبا ستجعل أمد الصراع يمتد لأمد بعيد، وستُستنزَف فيه الولايات المتحدة وإسرائيل معا، ولن تجد واشنطن الدعم المأمول من أوروبا.
– هذا ومن المفترض أن روسيا والصين قد وفرا الدعم العسكري لإيران بالقدر الكافي للصمود أمام القدرات العسكرية الأمريكية واستنزافها.. ومن المؤكد أن استخدام واشنطن لقدراتها النووية سيكون له حسابات أخرى مع القوى العظمى، فهل يشهد العالم مرحلة من الفوضى الهدمة واسعة النطاق..؟؟؟.
فصل جديد من فصول توظيف الإرهاب..
– تبنى تنظيم “داعش” الهجوم الإرهابي الذي وقع الخميس الماضي في محافظة كرمان الإيرانية وأسفر عن مقتل العشرات وإصابة المئات من المدنيين بالقرب من ضريح قاسم سليماني قائد قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وصرح «داعش» عبر قنواته على «تلغرام» إن التفجيرين نفذهما انتحاريان يرتديان حزامين ناسفين، وبما أن التفجيريين تما بعمليتين انتحاريتين فإن عناصر داعشية على الأرجح هي من ارتكبت هاتان الجريمتان، ولكن هل كان هذا الجرم بتحريض من دولة معادية لإيران ؟
جدير بالذكر أن قاسم سليماني قد قتل في 3 يناير 2020 ومعه آخرين في غارة جوية أمريكية استهدفت مركبهم في محيط مطار بغداد الدولي، وبعد الهجوم صرحت وزارة الدفاع الأمريكية أن الهجوم كان تنفيذا لما أمر به الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.. هذا وقد اتهم الرئيس الإيراني إسرائيل بأنها وراء هذا العمل الإرهابي الذي وقع بالقرب من ضريح سليماني وفي ذكرى وفاته.
– ولعل ارتكاب داعش لهذا الجرم يأتي في نطاق توظيف التنظيمات الإرهابية من قبل أجهزة للمخابرات.. وهو ما تابعنا مسبقا العديد من فصوله؛ خاصة في سوريا والعراق ومصر.
ونؤكد في هذا السياق بأن؛ هذا التوظيف يحقق به التنظيم الإرهابي منافع متعددة مع تلك الأجهزة، فهم حقًا مرتزقة، والدين الإسلامي برئ مما يرتكبونه من جرائم، فهذا التنظيم الإرهابي لم تحركه دوافع دينية، فلم يقم بعملية عسكرية واحدة في مواجهة جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين في غزة، وهو إن فعل؛ فربما تتغير صورته الذهنية لتتحول في نظر شعوبًا كثيرة إلى كونه تنظيمًا مقاومًا يسعى لتحرير القدس من براثن الاحتلال الإسرائيلي ومنع الاعتداءات الهمجية الإسرائيلية على فلسطين المحتلة وشعبها.. ولعله يحاكي بهذا ما فعله الحوثيون في اليمن، لكنه تحرك فقط وفي هذا التوقيت وهذه الظروف، ضد إيران.. !!!.
أحد مشاهد تفجيري كرمان الإرهابيين بإيران