مقالات الرأى

السيد خلاف يكتب : كفن للحجاج

0:00

كنت قد تناولت في مقالي السبت الماضي الذي حمل عنوان ” لصوص الدين “عن نصب شركات السياحة المصرية، التي تعمل بترخيص من وزارة السياحة دون رقابة دقيقة ومحاسبة على ماتقترفه من عمليات نصب على المواطنين، وايهامهم بأداء فريضة الحج من خلال إصدار تأشيرة زيارة مدتها شهر، أو ثلاثة أشهر مقابل مبالغ زهيدة لا تتجاوز الثلاثين ألف جنيه في حين أن تكلفة أداء الحج الرسمية تتجاوز مائتي ألف جنية. 
وقلت أن هذا هو “عين ” النصب باسم الدين الغرض منه تحصيل أكبر قدر من المال الحرام ، وفي نفس الوقت تمنية الراغبين في الحج بالاقبال على مثل هذه التأشيرات لتحقيق حلمهم في أداء الفريضة، لكنهم يفاجئون بواقع مرير بعد وصولهم إلى أرض المملكة فلا يتمكنون من الدخول إلى مناطق المشاعر المقدسة لعدم حصولهم على تصريح بالحج من هذه الشركات أو من الحملات الداخلية،فيضطرون إلى افتراش الشوارع والطرقات،والبحث عن ثقب “يفلون” منه إلى مناطق المشاعر المقدسة ،غير عابئين وجاهلين بضوابط الحج التي وضعتها المملكة لدخول الحجاج من الداخل والخارج .
لقد أدت فوضى الاحتيال من قبل شركات السياحة المرخصة من قبل الوزارة وأجهزتها  الرقابية إلى إهانة مصر ومواطنيها سواء من قبل رجال الأمن السعودي،الذين حرصوا على تطبيق وتنفيذ الضوابط الموضوعة لتنظيم عملية الحج حفاظا على أمن المملكة وسلامة الحجيج. 
وجاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الأراضي المقدسة لتكون ” طوق النجاة” في السماح لهم بأداء الفريضة، ورصدت السلطات السعودية الشركات المصرية التى تجاوزت القانون وألقت بالمواطنين الحالمين بالحج في “غيابت الفوضى والعبثية” ليلقى عدد كبير منهم ” بفعل فاعل ” مصيره هناك حتى تجاوز العدد 600 حاج ، مادفع بتدخل رئيس الدولة والحكومة بإجراءات حازمة لمحاسبة هذه الشركات . 
وبحسب قرار الرئيس السيسي بعد وفاة هذا العدد  الكبير بتشكيل خلية أزمة برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، لمتابعة وإدارة الوضع الخاص بحالات الوفاة وتقديم الدعم والمساندة لأسر المتوفين وتسهيل استلام جثامينهم،ومحاسبة هذه الشركات التي رتبت سفر الحجاج بعيدا عن الأطر الرسمية وتوقيع أشد العقوبات عليها.
وإذا كانت الدولة قررت سحب تراخيص 16 شركة وتحويلها للنيابة فإن هذا لا يعفي الوزارة من المسؤولية  كونها لا تمارس دورا رقابيا صارما ودقيقا،وإنما تمارس دورا شكليا فقط .
وإذا كان الوزير لم يهتم بشكوى قدمها مواطن له شخصيا بشأن إحدى الشركات التي قامت بحجز تذكرة إلى إحدى الدول ، وأخطرها بفتح التذكرة ، وتحديد موعد لاحق للسفر ،  فما كان من الشركة إلا أنها أبلغت المواطن أن فلوس التذكرة التي حجزها بمبلغ تسعة آلاف جنيه ضاعت عليه،ولاحق له في تذكرة بموعد جديد، رغم إبداء المواطن استعداده لدفع الغرامة المقررة قانونا .
ورغم إن المواطن لجأ إلى الوزير لكنه واجهزته الرقابية لم تنصف المواطن منذ شهر أكتوبر الماضي وحتى الآن ، ولم تكلف الجهات الرقابية وأخواتها خاطرا لها بالاستماع إلى شكاوى المواطن أو استدعاؤه، واكتفت بالاستماع إلى ممثل الشركة، وتجاهل المواطن وحقه في تذكرة أو استرداد المبلغ الذي دفعه مع تغريمه . 
وإذا كانت الوزارة ووزيرها لم تتبع الأطر القانونية في بحث شكوى المواطن وإنصافه فإن هذا يعني أن الرقابة في الوزارة شكلية.
ولا يعني اهتمام الدولة بتنشيط السياحة كونها أحد مصادر الدخل القومي للدولة تجاهل حق مواطن خدعته شركات تابعة لها ، ومرخصة من قبلها في عدم اهانته أو خداعه أو النصب عليه بحقه أداء فريضة الحج ،وتلقي به إلى مصير مجهول فيقع فريسة بين ضوابط الحج ومتاجرة الشركات بشعيرة الحج “الركن الخامس” من أركان الدين الإسلامي الحنيف . 
ورغم إن مجلس النواب حذر قبل 3 أشهر من ارتكاب مثل هذه الجرائم في حق الوطن والمواطن من قبل هذه الشركات، بالتحايل وتسفير الحجاج بصورة غير نظامية،إلا أن الوزارة وأجهزتها الرقابية اعتبرت أن طلب الإحاطة الذي قدمته النائبه نشوى الشريف عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسين عملية شكلية من قبيل “كله تمام يافندم” ، لكن الواقع أشد مرارة وقسوة على سمعة الدولة المصرية وكرامة مواطنيها، المخدوعين من قبل سماسرة الحج.
ويبقى السؤال هل سنسمع عن عقاب رادع لمن تسبب في وفاة المواطنين المصريين، وهل هناك من يحاسب الفاسدين والمرتشين، ومتى يلتزم الوزير ببحث شكوى مواطن اغتصبت إحدى شركات السياحة رغما عنه حقه،  في استرداد قيمة تذكرة سفره أو إصدار تذكرة بديلة ؟! وإذا كان المواطن لجأ إلى الوزير ولم ينصفه أو يستمع لرأيه ولم يسترد حقه أو يعاقب الشركة..فما هي دلالات ذلك؟! وهل ستكتفي الدولة بالتحقيق ثم تموت الحكاية كما مات الحالمين بالحج ؟! 

 

زر الذهاب إلى الأعلى