مقالات الرأى

السيد خلاف يكتب :الدوائر السوداء

0:00

حسنا فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باعلانه عن قمة تجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، يدعى اليها الرئيس السوري بشار الأسد في أنقرة ،لم يحدد موعدها . 

إعلان أردوغان عن قمة كهذه تعني أنه يسعى لمنع واشنطن من تنفيذ مخططها بفرض دولة كردية جديدة ، تضم مناطق الأكراد في شمال وشرق سوريا التي يسيطرعليها الأكراد، وجنوب شرق تركيا وهي منطقة ارتكاز حزب العمال الكردستاني شمال العراق وشمال غرب إيران. 

والمتابع إلى سياسة واشنطن بشأن القضايا الدولية عامة، وفي الشرق الأوسط خاصة المنطقة العربية يكتشف أنها تمارس سياسة مزدوجة دون توقف، فهي تخلق الدوائر السوداء في الصراع وتزكي الحرب فيها .

والأمثلة كثيرة بهذا الشأن ، الإطاحة بصدام حسين وخلق صراع بين الشيعة والسنة والأكراد، وإسقاط حكم القذافي في ليبيا لتدخل البلاد في صراع حتى الآن، وتقسيم السودان إلى دولتين في الشمال والجنوب . 

واشنطن تدعم إسرائيل بلاحدود في حربها ضد الفلسطينيين
وتؤيد تهجيرهم قسريا ، وتطرح مبادرات للحل، فككت الاتحاد السوفيتي وحشدت الناتو ضد بوتين، لأنه رفض إقامة قواعد على حدود بلاده في أوكرانيا ، التي انفصلت عن الوطن الأم بفعل فاعل منها وحلفاؤها . 

عقد قمة كهذه إدراك لمقاصد واشنطن، سعيا لموقف موحد 
من انفصال المناطق التي يسيطرعليها الأكراد عن الوطن الأم في كل من سوريا وتركيا ،والمدعومة بالسلاح والمال والتدريب أمريكيا على الرغم من شكاوى تركيا المتعددة.

ما أعلن عنه أردوغان يؤكد أن القيادة التركية تعي لمساعي واشنطن “الخبيثة”، وتدعم وحدة الأراضي السورية والعراقية وتتمسك بوحدة أراضيها، وترفض التدخلات الخارجية وضمان موقف مساند من جانب موسكو ودمشق معا يتصدى لمنع إجراء الانتخابات في الشمال السوري، كان مقررا لها 11 يونيو ، وتأجلت الي
أغسطس المقبل.

ورغم إن تركيا وواشنطن في مظلة واحدة بحلف الأطلسي ” الناتو”، وعارضت واشنطن إجراء هذه الانتخابات ،إلا أن الإدارة التركية لاتثق ولا تعول إطلاقاً على الموقف الأميركي،  وتدرك أن واشنطن لن تتخلى عن إقامة دولة كردية على الحدود الجنوبية لتركيا.

المخاوف التركية دفعتها لاستبيان الموقف الروسي والسوري من الانتخابات الكردية في الشمال السوري، وتعول على موقف روسي دولي رافض ، وتلقت تطمينات روسية بهذا الشأن، خلال لقاءات جمعت بوتين مع  الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية  هاكان فيدان ،مفادها أن الانتخابات الكردية في شمال سوريا لن تسمح به سوريا ،وأنها لن تتسامح مع أي أنشطة انفصالية تهدد وحدة الأراضي السورية.

واللافت أن الموقف التركي يتناغم مع الموقف السوري ، في ظل رغبة مشتركة لتطبيع العلاقات بين سورية وتركيا، وعبر الرئيس بشارالاسد عن انفتاح بلاده على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة بين البلدين، والمستندة إلى سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهة أخرى.

وتمارس تركيا دورا محوريا بشأن قضايا المنطقة، وعبرت في كثيرمن مواقفها عن دعم الحقوق العربية، واظهرت بوضوح أنها ستقف بجوار سوريا ، ولم ولن نسمح أبداً بإنشاء كيان إرهابي في المنطقة.
 
باعتقادي أن التطور الأخير في العلاقات بين سوريا وتركيا بجهود روسية حقق انجازا رئيسيا بوقف الصراع بين الحكومة والمعارضة السورية ،وأنه قادر على التصدي إلى خطط الانفصال التى تنفذها واشنطن بالعديد من دول المنطقة، وتحت مسميات مختلفة.
أخيرا وبالضرورة فإن الموقف التركي بحاجة لدعم عربي، وبلورة موقف موحد يكبح جماح واشنطن، التي مازالت تلعب في المنطقة وتؤجج الصراعات فيها، وهي تستظل بشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير المصير،التي تسقط بها الدول وتبسط نفوذها على العالم.
 

زر الذهاب إلى الأعلى