مقالات الرأى

السيد خلاف يكتب : إبادة بظلال التفاوض!!

0:00

تعددت المفاوضات لوقف حرب الإبادة للشعب الفلسطيني، بينما تتواصل العمليات العسكرية ، ولا أحد يعلم ما الذي يمكن أن تتمخض عنه هذه الحرب ، ومالذي يمكن أن تتوصل إليه مفاوضات وقف إطلاق النار. 
باعتقادي- حتى الآن- موت المفاوضات على خلفية غطرسة نتنياهو وزيارة بلينكن (حتى الآن)،وأن انقساما بين ما يريده بايدن “العجوز”، وبين بلينكن الذي أدلى بتصريحات مناقضة لمقترح الرئيس بايدن و تخل باتفاق السلام مع مصر،وتدعم تمسك نتنياهوبالبقاء في غزة ومحور فيلادلفيا و نتساريم،وحقه في الهجوم بعد إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين،ما يعني توقف مؤقت للحرب،والعودة لتنفيذ مخططه من جديد .
وأرى أن العجز العربي والدولي في اتخاذ مواقف أكثر قوة وحدة ضد ممارسات نتنياهو، وتماهي الإدارة الأمريكية مع ماتمارسه إسرائيل،بما يضعها في دائرة إدارة الحرب ورسم سياستها وطرح مبادرات الحل،في ظل انتكاسة عربية وضعت نفسها في مواقف غض الطرف، واكتفت بالحديث أمام الكاميرات،دون أن تلوح بمواقف قوية ضد تل أبيب وواشنطن،حتى بات العرب والمسلمين في وضع أقل ما يوصفون به أن لا وجود للعرب على الخريطة الدولية، إلا بما تريده لهم واشنطن،أو بدوا مستضعفين أو كمن في القبور، (وما أنت بمسمع من في القبور) إلا من تعدد الجولات التفاوضية بين العواصم وأمام أجهزة الإعلام الدولية.  
ولا غرابة أن بات العرب أنفسهم مقتنعين أن الزيارات والمبادرات الأمريكية قد تأتي بحلول،ومع افتراض التوصل إلى اتفاق ما فإنه بالتأكيد سيكون اتفاقا برغبة أمريكية وإسرائيلية،وليس كما يريده العرب،لأنه لا صوت لهم في هذه الحرب إلا أمام الكاميرات وأجهزة الإعلام،ولهذا فإن أمريكا تلعب نفس الدورأمام الإعلام و تطالب بوقف الحرب،أما قرارها السياسي ينفذه نتنياهو في أرض المعركة مدعوما بالسلاح وبوارج الردع المرابطة بالمنطقة، لكل من يفكر في دعم المقاومة ورد العدوان على الشعب الفلسطيني الأعزل .
وأيا كانت النتائج فإن نهاية الحرب تعني بداية مرحلة جديدة من الصراع،ولا تعني بالضرورة إحلال السلام،لأن إسرائيل “الكبرى” مازالت تسكن في قلب حكام تل أبيب وبني صهيون،وتمسك نتنياهو برفض الإنسحاب من محور فيلادلفيا ما هو إلا نقطة ارتكاز إلى مراحل لاحقة،كونه المنطقة الفاصلة بين الحدود المصرية الفلسطينية وليس الحدود المصرية الإسرائيلية، ما يعني نقل الخلاف مع مصر وفتح جبهة جديدة يتم التفاوض بشأنها بمعزل عن تواجد فلسطيني،ولا بوادراتفاق حتى الآن،وإنما إشاعة التفاؤل في ظلال حرب إبادة لا هوادة فيها،وخلافات كبيرة كالقضاء على حماس، والمحور والمعابر ووقف مؤقت للحرب وفقا لمطالب نتنياهو.
مصر التي حرصت أن تكون في قلب المفاوضات وليست بمعزل عنها من جانبها ترفض أي تشغيل إلى معبررفح في وجود الاحتلال الإسرائيلي، وتتمسك  بأن المعبرالرئيسي بينها وبين قطاع غزة هو معبر رفح ويربط بينها وبين فلسطين وليس إسرائيل، ولا بد أن يعود العمل به كما كان قبل الحرب على غزة،ما يعني أن مصر تطالب بضرورة تواجد فلسطيني يدير المعبرإدارة كاملة. 
بالاضافة الى أن الوجود العسكري الإسرائيلي في محور فيلادلفيا يقلق مصر،حيث أنه بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة سنة 2004، تم توقيع اتفاق بين مصر وإسرائيل مكمل لاتفاقية السلام،ينص على أن يكون محور فيلادلفيا خال من القوات والعناصر من الطرفين،والمحور خط فاصل بين القطاع ومصر،ويمتد  أربعة عشرة كيلومترا على الحدود ما بين مصر والجانب الفلسطيني، وتصر مصر وحماس على انسحاب إسرائيلي  كامل من المحور،بينما يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي على البقاء به،وهو مايخالف الاتفاق الموقع بين مصر وإسرائيل ، ومكمل لاتفاق السلام بين البلدين بعد الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2004،والذي نص على أن محور فيلادلفيا خال من القوات من الطرفين .
أمريكا تلعب دور التبريد وإشاعة جو من التفاؤل بإنهاء الحرب إعلاميا فقط،بينما تتبنى تنفيذ طموحات نتنياهو ومخططها للمنطقة،لكن كيف اقتنع الساسة العرب بأن أمريكا تسعى لوقف الحرب، وهي تدعم الاحتلال بأساطيلها وتتحدث عن السلام،دون الإعتراف بحل الدولتين،ولن يتحقق هذا السلام إلا بقيام دولة فلسطينية،مازالت إسرائيل ترفض وجودها، ولها أحلام توسعية كبرى حددها نتنياهو أمام الدول الأعضاء بالأمم المتحدة على الخريطة دون امتعاض عربي أو دولي ! 
ولو افترضنا جدلا أن الحرب ستتوقف وفقا لما طرحته الإدارة الأمريكية فان ذلك لا يعني نهاية للصراع في منطقتنا العربية،لأن مرحلة ما بعد الحرب – وفقا لما أرى- ستكون بداية لحرب جديدة،ما لم تكن هناك خطة واضحة المعالم لليوم التالي لتوقف الحرب، فضلا عن أنه متوقع بدء حرب شرسة بين اللاعبين الدوليين، مع مشروع الممر الأميركي” خط التجارة القادم من الهند مرورا بدول الخليج،الذي تم الاتفاق بشأنه ليمهد الطريق أمام تطبيع خليجي مع إسرائيل، ،وينافس مشروع طريق الحريري الصيني.
وهو ما يطرح مجالات أكبر للحرب وتعارض مصالح سياسية واقتصادية بين مجموعة الدول السبع G7 ومجموعة دول البريكس،تكون   الصهيونية لها دور كبير فيها، بما يخدم التوسعات الكبرى لليهود والسيطرة على المنطقة ،كما سيطرت على القرار الأمريكي لإسرائيل و جندته للقضاء على فصائل المقاومة بلا استثناء، والعمل على تهميش القضية الفلسطينية ،والعمل على إلغاء فكرة “دولة” للفلسطينيين من الأساس، وخلق الظروف للوطن البديل !
اللوبي الصهيوني ضالع في هذه الحرب وفي دوائر صناعة القرار،بدليل أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن بكل فجاجة “إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل بكل قوتها”، ووجه إدارته بالدعم الكامل لها ،وحرك الأساطيل  للمنطقة،ناهيك عن مقولته الشهيرة:”لا تحتاج أن تكون يهوديا لتكون صهيونيا”،وقال  “لو لم تكن هناك إسرائيل، لكان علينا أن نخترع إسرائيل”!!

زر الذهاب إلى الأعلى