مقالات الرأى

أمينة شفيق تكتب : وانتقلت إلى مؤسسة الاهرام

0:00

في يوم من شهر إبريل عام 1960 جاء إلى زوجي ليبلغني بأن الاستاذ محمد حسنين هيكل حدد موعد لمقابلتي في الاهرام. فرحت جدا لأني احسست أني سأطلب للعمل في هذه المؤسسة التي يرأسها الاستاذ هيكل. وكنت قد رأيته عدة مرات أثناء تواجدي في مجلة الجيل ولكننا لم نتبادل الحديث. وفي الميعاد المحدد كنت في مكتبه واول من قابلته كانت الزميلة القديم في الجامعة الاستاذة نوال المحلاوي مديرة مكتبه. وبعد التحية والسلام ادخلتني الى الاستاذ هيكل الذي دار بيني وبينه حوار قصير جدا. بعد صباح الخير ” انا متابع شغلك في جريدة المساء وتحبي تنضمي لاسرة تحرير الاهرام؟” أجبته بـ “نعم” اجاب ” تعرفي الاستاذ صلاح الاستاذ هو في الدور الثاني، إطلعيله دلوقتي هو عارف”. اجبته “حاضر”. وبالفعل ذهبت الى الاستاذ صلاح هلال وكنت اعرفه وقدمت له نفسي. ومنذ ذلك اليوم من شهر ابريل عام 1960 وأنا أكتب في الاهرام التي باتت بيتي الثاني.
ولكن حدث شيء غير متوقع. في يوم 5 مايو من نفس العام لمحت في الجريدة التي كانت تصلني في المنزل ان تغييرا حدث في الصحافة المصرية. وبعد ذهابي إلى الجريدة عرف أن المؤسسات الصحفية التي كانت موجودة في ذلك الوقت قد نظمت ” أي اممت” ولكن بأسلوب افضل وأن الاستاذ هيكل يدعو إلى لقاء عام في المؤسسة لشرح رأيه. فذهبت الى الاجتماع وسمعت ما قاله وطلبت الكلمة. كنت الصحفية الوحيدة التي طلبت الكلمة. فأعطاني اياها قلت” انا موافقة لأن الامور لن تتغير” وكان في ذهني ان الرقيب الرسمي “ذهب” وسيأتي مكانه رقيب جديد وهو رئيس التحرير. ولكني لم اتفوه بالجملة الاخيرة لأني كنت قد درست طبيعة النظام السياسي.
والآن وبعد مرور كل هذه السنوات يمكنني ان اقول السبب الحقيقي لصدور حركة التأميم هذه في ذلك الوقت وهي الحقيقة التي لم يذكرها الاستاذ هيكل في الاجتماع. كان الرئيس عبد الناصر في زيارة لكل من الهند وباكستان. وفي ذلك الوقت كانت الداخلي المصرية تبحث عن أحد المجرمين الهاربين في منطقة نجع حمادي. وكانت الصحافة المصرية تتابع الحدثين معا. فحدث ان تم القبض على المجرم الهارب يوم ان انتقل عبد الناصر من الهند الى باكستان. فما كان من اخبار اليوم إلا ان كتبت عدد 2 مانشت متاواليين دون فاصل بينهما، القيض على السفاح ثم عبد الناصر في باكستان. ثم حدث ثاني ارتكبه الاهرام وهو ان الاستاد المستشار القانوني للأهرام كتب سلسلة مقالات في الجريدة يطالب فيها باستيلاء القطاع الخاص على الاصول التي تمتلكها المؤسسة الاقتصادية التي آلت إليها الممتلكات الفرنسية والانجليزية بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 56. وكان تعليق عبد انصر عل هذه المقالات ” هو الشعب المصري بيموت في الحرب عشان الرأسمالية تأخذ الاموال المؤممة ده”.
واذكر الحدثين معا الآن لأني لم اكن اجرؤ عل ذكرهما او كتابتهما في عهد عبد الناصر. ولكننا كنا نتناولهما في النقابة همسا وبحرص شديد.
أما نقابتنا فكانت تسير في طريف واضح بعد تغير قانونها وبدأت تدخل في عضويتها ومجالسها شباب جدد بعد ان غاب عنها غالبية الزملاء الاعزاء ذوي الشعر الأبيض.

زر الذهاب إلى الأعلى