أمينة شفيق تكتب : مائة عام على صدور اول دستور مصري
يسجل هذا العام، عام 2024، مرور مائة عام على صدور اول دستور مصري. وقد صدر هذا الدستورعام 1924 وكان صدوره نتيجة مباشرة لثورة عام 1919.
وكانت البلاد قد شهدت تطورات سياسية كبيرة لم تستطع قوات الاحتلال او جيوشه اخمادها. فكانت اول واكبر الثورات في المنطقة العرية كما كان الدستور المصري اول الدساتير العربية التي تصدر حتى ذلك الوقت. وكانت ثورو 1919 تسير خطوة جطوة مع الثرة الهندية بقيادة المهاتمة غاندي.
ولم يكن الدستور المصري خال من نقاط الضعف التي سمحت للملك بالتدخل المباشر في المسار الحزبي السياسي في مصر ، ولكنه كان الدستور الذي وضع اسس الدولة الوطنية الديمقراطية في البلاد ، وقد شهدت هذه المرحلة الزمنية تغيرات كبيرة في مصر ، وهي تغييرات صاحبت صدور الدستور وسمحت بظهور طبقة، وإن بدأت صغيرة ولكنها، كانت بذور لتطور لصناعي في البلاد ، كما انها فترة شهدت نشاطا ملحوظا في نمو المؤسسات النقابية العمالية والمهنية والتي نشاهد امتداها في وقتها الحالي. فالذي يتابع المسيرة السياسية المصرية يمكن ان يلاحظ التطور العام الذي لحق بالبلاد واثر على كل الشرائح والطبقات المصرية ، في هذه الفترة شهدت مصر حوارات سياسية بين الاحزاب لم تخلوا من الصراعات والاختلافات. كما شهدت نموا في حركة المرأة المصرية تعليميا وتوظيفيا وتم افتتاح الجامعات والمدارس في المحافظات. وكانت القاهرة مزدهرة ومتألقة ويشار اليها على انها قطعة من باريس. وكذلك الاسكندرية اتل تميزت بمناخها الاجتماعي المتفتح غير المتعصب. ولكن استمر الريف المصري بفلاحيه دون اي اصلاح يذكر مما انعكس على التطور العام للبلاد.
وبالرغم من ان سعد زغلول كان معارضا لتشكيل لجنة اعداد الدستور لأنه ارادها لجنة منتخبة من الشعب، ألا انه فاز في اول انتخابات برلمانية تجرى في البلاد، وكان اول رئيس لأول وزارة تشكل بعد اجراء الانتخابات عام 1925. وهي الانتخابات المشهورة في مصر على انها الانتخابات التي سقط فيها رئيس الوزراء الذي نظمها واشرف على اجرائها. وقد مرت مصر بعدد من الدساتير التي وضعت بعد ذلك ومنها دستور عام 30 الذي وضعه اسماعيل صدقي بعد الغائه لدستور 24 ولكن يستمر دستور عام 1924 افضلها واكثرها ديمقراطية.
لماذا نثير الحديث عن هذا الدستور اليوم؟ لأننا نسمع كثرا عن اهمية زيادة الوعي في بلادنا. ولا يمكن ان يزيد وعينا الا اذا عرفنا حقيقة تاريخنا وأحداثه. ومن هذا التاريخ تبرز ثوراتنا ودساتيرنا. وعندما نذكر الثورات فإننا نؤكد على ثورة 1919 التي تمخض عنها دستور 1924. إن الوعي يتمو عندما يتعرف الشباب من المدرسة ومن الراديو ومن التليفزيون ومن كل الكنب التي تصدر في البلاد على حقائق التاريخ. فالوعي لا يأتي من الحكاوي والروايات وانما من العلم بالحقائق وأهمها دائما الحقائق التاريخية التي صاغها الاباء والاجداد.