مقال كلام مفيدمقالات الرأى

أشرف مفيد يكتب: “يا واش يا واش يا جمالية” .. جولة ابداعية مع أهازيج جمال الشاعر

في عالم الأدب والشعر، يأتي كل جديد ليضيف للمكتبة العربية لمسة فريدة تترك بصمتها في قلوب القراء. وفي هذا السياق، يبرز ديوان “يا واش يا واش يا جمالية” ، أهازيج جمال الشاعر كأحد هذه الإضافات القيمة، حيث يعكس الديوان خلفية إبداعية ثرية استوحاها الدكتور جمال الشاعر من الأماكن التراثية في منطقة الجمالية التى تعد واحدة من أعرق المناطق التاريخية .
وقبل الخوض في تفاصيل الديوان، دعونا نستعرض معنى كلمة “أهازيج” التي تعتبر الركيزة الأساسية لهذا العمل ، فالاهازيج هي جمع لكلمة “هزج” وتعني الأناشيد أو الأغاني الشعبية القصيرة التي تتميز ببساطتها وعمقها، وغالبًا ما ترتبط بالمناسبات الاجتماعية والتراثية ، وفي هذا الديوان، يستخدم جمال الشاعر وعلى طريقتها الخاصة “الأهازيج” كأداة لربط الماضي بالحاضر، وليس فقط كوسيلة للتعبير الفني، بل كطريقة لإحياء الذاكرة الجماعية للمكان.
والحق يقال فإن الإبداع في ديوان “يا واش يا واش يا جمالية” يتجلى من خلال الطريقة التي يعالج بها جمال الشاعر الموضوعات التراثية والمهن القديمة ، وهى ليست مجرد قصائد تصف المكان، بل هي نوافذ تطل من خلالها على روح الجمالية، حيث يتحول كل مكان وكل شخصية إلى كائن حي ينبض بالحياة ، ليس هذا وحسب ، بل يمتزج في شعره الوصف الدقيق للأماكن مع الحس الشعري العالي، مما يجعل القارئ يشعر وكأنه يسير في أزقة الجمالية، ويتنفس عبق التاريخ، ويتفاعل مع الشخصيات التي كانت يومًا ما جزءًا لا يتجزأ من نسيج هذه المنطقة العريقة.
وفى تقديرى فإن القيمة الحقيقية لديوان “يا واش يا واش يا جمالية” لا تكمن فقط في جمال اللغة وعمق المعاني، بل في كيفية تعامله مع الثقافة والهوية كجزء لا يتجزأ من الهوية الإنسانية ، لذا فإنه من خلال استعادة الأهازيج التراثية ودمجها في نسيج الشعر الحديث، يسهم جمال الشاعر في إحياء التراث الثقافي ويعيد تقديمه بأسلوب معاصر يلامس القلوب والعقول.
واللافت للنظر أن ديوان “يا واش يا واش يا جمالية” ليس مجرد مجموعة قصائد، بل هو رحلة تاريخية وثقافية تأخذ القارئ لعالم مليء بالأصالة والجمال ، حيث أن جمال الشاعر، من خلال هذا العمل، لا يقدم فقط شعرًا رائعًا بل يعيد كتابة التاريخ بأسلوب شعري يجبرنا على التوقف والتأمل في روعة ماضينا وجمال حاضرنا.
لقد ابهرنى الصديق جمال الشاعر حينما التقيته فى اجتماعنا الاخير بلجنة الاعلام فى المجلس الاعلى للثقافة حينما قرأ بعضاً من أهازيجه فى هذا الديوان الرائع مما دفعنى لقراءته قصيدة تلو الاخرى الى أن انتهيت منه دون أى شعور بالملل ، من فرض روعة الاسلوب وبساطة الكلمات وسلاسة العباره ، الأمر الذى يدفعنى لأن أدعو كل محب للشعر والتراث إلى تجربة خوض هذه الرحلة الشعرية الفريدة، ليس فقط لاكتشاف جمال الكلمات، بل لاستشعار الحياة كما عاشها أجدادنا في أحد أعرق أحياء القاهرة ، لأن أهازيج “يا واش يا واش يا جمالية” ليس مجرد ديوان شعر، بل هو بوابة نعبر من خلالها إلى عالم آخر، عالم ينبض بالحياة والتاريخ والجمال.

زر الذهاب إلى الأعلى