مقالات الرأى

أحمد فرغلي رضوان يكتب : رحلة 404 ..طريق التوبة صعب

“كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ” تذكرت هذا الحديث الذي يتردد في جميع المساجد أثناء الصلاة، وأنا أتابع فيلم “رحلة 404″ تأليف محمد رجاء وإخراج هاني خليفة وهو يحكي طريق بطلته ” غادة” مع التوبة وهي هنا مقترنة بأدائها مناسك الحج ! ولكن مثل الكثير من رحلات التوبة يقابلها العديد من التحديات وصراع كبير للنفس البشرية.
فكرة جيدة ومعالجة واقعية عن توبة الإنسان ومدى إستطاعته إتمام تلك الرحلة بنجاح، اختار السيناريو البدء من نقطة النهاية بعد توبة البطلة وابتعادها عن ماضيها القديم والذي نكتشفه شيئا فشيئا مع مرور الوقت حيث يطاردها ويعرقل طريقها إلى التوبة ولكن لم نعرف منذ متى تحديدا ابتعدت وأعلنت توبتها! وما هو السبب أو الحادث الذي دفعها إلى ذلك ؟!
فقط نشاهدها وهي تستعد لمرحلة التوبة الكبرى ” مناسك الحج ” برفقة والدها والذي يعلم كل شيء عن ماضيها يبدو أنها توبة عائلية!
علاقتها بالأب من أفضل الخطوط الدرامية في الفيلم وأكثرها وضوحا وحالة الشد والجذب بينهما واقعية جدا.
عكس الأم التي ظهرت في مشهد واحد فقط وهو المشهد الذي يجعل المشاهد يكره بطلته من قسوة رد فعلها .
يعيب السيناريو كثرة الشخصيات والتي ظهرت واختفت دون توضيح ، مثل الشقيقة الصغرى والتي ألمح السيناريو لارتباطها بشقيقتها “غادة” ولا نعرف هل كانت نموذج جديد لها وأنقذتها شقيقتها من تكرار نفس المصير ، كان خطا دراميا مهما ، يمكن أن يكتمل ويكون إضافة جيدة للفيلم ، كذلك علاقتها بالأم وأحد الرجال في حياتها ! كما قلت شخصيات كثيرة لم يكن لها حلول مقنعة دراميا.
في المقابل كان التركيز على شخصيات أخرى وظهرت بشكل جيد جدا وخطوطا درامية مقنعة مع سيناريو رحلة البطلة وتحديدا محمد فراج ومحمد ممدوح رغم أن نهاية الأول كانت مشهدا تقليديا ومتوقعا، لكن الاثنين قدما أداء جيد وشخصياتهما أضافت كثيرا لتفسير بعض الأشياء في ماضي البطلة.
وكذلك شخصية محمد علاء كانت متميزة وجسد شخصية الأب بأداء متميز “حسن العدل”.
لا أعرف لماذا لم يظهر السيناريو عددا من مشاهد الفلاش باك توقعت مشاهدتها أكثر من مرة خاصة و غادة تستمع لصوت موسيقى “الطبلة” الذي أرسله لها أحد رجالها في الماضي !
السيناريو ترك الخيال للمشاهد طوال سرد الأحداث ، من مميزات الفيلم أيضا التصوير واختيار أماكن واقعية ومناسبة للأحداث، المخرج هاني خليفة يعيد اكتشاف نفسه مع هذا الفيلم.
في العموم السيناريو جيد وواقعي جدا لرحلة توبة الإنسان واقترانها بأداء مناسك الحج وهي حقيقة لدى عموم الناس عندما يرتكبون ذنب ما يذهبون لأداء العمرة أو الحج للتطهر والتوبة ! هكذا تفكير وقناعة عموم الناس .
بطلة الفيلم منى زكي قدمت شخصية مربكة تكرهها في البداية خاصة في مشهد قاس وهي تواجه الأم يحمل جحود كبير ! ثم تتعاطف معها عندما يظهر لنا أجزاء من الماضي ، نجحت منى في تقديم تحولات وانفعالات الشخصية بإتقان شديد وأداء ممتاز خلال رحلتها لإتمام التوبة وتفوقت بشكل كبير في أكثر من مشهد خاصة مشاهد المواجهة مع الأم ومع زوجها السابق ومع صديق الجامعة القديم ، منى زكي في هذا العمل هي من أسباب نجاحه دون شك.
في النهاية لا أعرف سبب تأخر الفيلم وتعثره في الرقابة ! ما كل هذا الخوف ؟! ولماذا تصنيفه 18 عاما ؟!

زر الذهاب إلى الأعلى