محمود سامح همام يكتب: من المتورط في قصف الكلية الحربية السورية؟
يوم الخميس ٢٢ اكتوبر٢٠٢٣ شهد حفل تخرج دفعة من ضباط الكلية الحربية في حمص حملوا اللواء وأقسموا على صون سوريا؛ أمانة حتى أخر قطرة من دمائهم، قبل أن تباغتهم مسيرات محملة بالمتفجرات، ويتحول المشهد من حفل تخرجٍ إلى هلعِ تعلوه صرخات النجدة ومن بين الضحايا مدنيون من أهالي الضباط والمدعويين.
فالبداية، ذلك الاستهداف الدقيق للكلية العسكرية في حمص السورية بطائرات مسيرة ذو تقننية عالية يجعلنا نسلط الضوء على بعض التساؤلات ولعل أهمها: من وراء ذلك الهجوم؟ ولماذا شُن القصف على ذلك الصرح بخاصة؟
اتهمت كليتا الدفاع والخارجية السوريتان ما وصفتاه بالتنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من أطراف دولية معروفة بشن الهجوم دون الخوض في تفاصيل، وتعهدتا بالرد بكل حزم وقوة. استكمالاً، الرد الفعلي من الحكومة السورية وضح لنا الجهة التي تتهمها بذلك الهجوم، حيث قامت بقصف مناطق تحت سيطرة هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى متحالفة معها في محافظة إدلب وريف حلب الغربي المجاور، مما أسفر على مقتل عشرات المدنين.
ولكن ذلك الاتهام من قبل الجيش السوري ليس دقيقا لحد ما، حيث تمتلك تلك المليشيات المسيرات المصنعة محلياً وبالتالي تفتقد للتكنولوجيا المتقدمة التي من شأنها تحديد الأهداف بدقة عالية بالإضافة إلى المسافة بين مناطق المعارضة ومكان الكلية الحربية واسعة جداً وتحتاج إلى سلاح وتقنية متطورة وهي ما لا تمتلكه فصائل المعارضة فضلاً عن وجود أنظمة رادار تابعة للنظام والمليشيات الإيرانية والقوات الروسية فالمنطقة فمن الصعب تصديق رواية النظام والأخذ بها.
وبالحديث عن استبعاد مسافة مليشيات شمال سوريا، نستطيع تسليط الضوء على المليشيات الإيرانية المنتشرة في مطار الضبعة في ريف حمص الجنوبي، وتعتبر نقطة رئيسية لإنطلاق الطائرات المسيرة مما يرجح لنا أصابع الاتهام الموجهه تجاه التنظيمات الإيرانية والتي من شأنها زعزعة الأمن القومي في سوريا وعدم الاستقرار في ربوعها على الرغم من دعمها للنظام السوري الممثل في الرئيس بشار الأسد، وربما تطلعات طهران فى تعديل مكاسبها داخل حمص على المستويين العسكرى والاقتصادى فى مقابل مكاسب الحليف الروسي،
استكمالاً، بالحديث عن المتورط في هذا الحدث الدموي، دعونا نسلط الضوء على تركيا باعتبارها مسيطرة ومستهدفة شمال سوريا فضلاً عن إنتاجها النوعي للمسيرات فائقة التكنولوجيا وإمكانية تسريبها للمعارضة السورية الموالية لاطماعها، ولكن لا نفضل ترجيح ذلك السيناريو متعللين يأن تركيا تستهدف شمال سوريا فقط، فليس من المنطقي أن تضرب العمق السوري في حمص فذلك ليس من أهدافها.
ختاماً، قصف الكلية العسكرية السورية التي من المفترض تمتعها بمستوى تأمين فائق وشديدة التحصين لأي هجمات خارجية مسلحة فضلاً عن العديد من الدفاعات الجوية التابعة للجيش السوري الموجودة بحمص، فبالتالي اختراق تلك المنظومة القومية العسكرية ليس بالأمر السهل، فهناك اطراف دولية تحاول التأكيد على استمرارية الحرب في سوريا، وتشير إلينا بذلك القصف إلى تسويق النظام السوري على أنه لايزال في حرب دائمة مع الإرهاب، وضرب دار عسكري سوري يحاول مرتكبيه التأكيد على استمرارية حالة الحرب والصراع طالما لم يحققو أهدافهم بعد من ذلك الإضمحلال والتفكك في البلاد.