مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب : في حبك يارب ” 2″

في حبك يارب نرضى، وفي حبك يارب نسعى، في حبك يارب قد نتوه وننسى، وفي حبك يارب نتعب ونشقى، في حبك يارب قد نضل الطريق، وبحبك يارب تنتشل الغريق، في حبك يارب تضيع منا الحقائق، وفي حبك يارب تختلط علينا المفاهيم، في حبك يارب نسافر إلى أماكن بعيدة ، وفي حبك يارب نعيش لحظات سعيدة ، في حبك يارب نلتمس الأسباب ، وفي حبك يارب نطرق الأبواب ، في حبك يارب نهرب من انفسنا إليك ، وفي حبك يارب يتخلى عنا كل الناس ونعود نستند عليك ، في حبك يارب نيأس ونتعب ونحزن ونركض حتى تنتهي أنفاسنا ونمد أيدينا إليك ، وفي حبك يارب ترسل لنا نورا من عندك يغسلنا ويطهرنا ويقربنا إليك .
ذهبتُ إلى قصر رجل الأعمال المشهور الذي يمتلك شركات وأموال كثيرة وتكاد تصل ميزانية أعماله إلى ميزانية دول صغيرة، يختلف القصر عن غيره في أن كل شيء فيه تظهر عليه علامات الاهتمام بالتفاصيل من أول الباب مرورا بالحديقة الجميلة والتي تظهر فيها النباتات والزروع والأشجار بشكل مختلف في شكلها وألوانها ورائحتها وأماكن زراعتها حتى أنني من شدة إعجابي سألت من يرافقني عن السر في جمال الحديقة فأجابني أن كل هذه الزروع والأشجار والورود من هولندا ومن دول العالم المختلفة ويقوم على رعايتها والاعتناء بها عدد من المختصين الأجانب كل في مجاله ، نسيت أن أصف لكم هيئة وملابس من كان يرافقني فقد كان أنيقا في ملابسه وشياكته وكل مهمته أن يصطحبني من باب القصر حتى باب غرفة الاستقبال فقط وهناك كان ينتظرني شخص لا يقل في شياكته وأناقته عن الأول ومهمته أن يصطحبني إلى غرفة المكتب ، وبعد أن جلست في غرفة المكتب جاء شخص أخر يسألني ماذا اشرب جلست في غرفة المكتب الفاخر الأنيق وأنا أتفحص كم التحف واللوحات الفنية التي تزينه ومدى الفخامة والثراء الشديد في كل قطعة من قطع الأثاث التي تملأ الغرفة الواسعة في ترتيب وعناية ودقة فائقة ووسط هذا الزحام من الأناقة والثراء والفخامة الشديدة استرعى انتباهي لوحة كبيرة معلقة على جدار خاص بها ، لوحة زيتية مرسومة بمهارة وموهبة فائقة وكأن اللوحة تتحدث من شدة جمالها ودقتها ، لوحة لشاب في العشرينات من عمره وفي أسفل اللوحة وفي مكان صغير قلب صغير مكسور وبداخله مكتوب ” مرزوق ” أخذت أتأمل اللوحة وأنا أفكر من يكون هذا الشاب الصغير الجميل والذي تنطق صورته بكل معاني الحياة ، وما علاقة القلب الصغير المكسور في أسفل الصورة ولم يقطع تأملي وتفكيري سوى صوت أتى من بعيد
أهلا وسهلا شرفت
شكرا لسعادتك يا فندم، أنا وصلت على الموعد تماما
أه صحيح مواعيدك تمام شكرا
طلبت حاجة تشربها ولا أطلب لك أنا
شكرا لسعادتك يا فندم طلبت قهوة
طيب أنا هخليهم يعملوا لك قهوة مخصوص من اللي أنا بشربها دي بتتعمل ليا أنا مخصوص وبتيجي بالطيارة
شكرا لسعادتك يا فندم
شايفك مستغرق وانت بتشوف الصورة اللي هناك
صحيح يا فندم صورة جميلة ومعبرة
ده ابني مرزوق
وقبل أن اسأل استكمل حديثه قائلا : ابني الوحيد وكنت بحبه جدا جدا فوق ما يتصور بشر وأنا بشوفه كل يوم بيكبر قدامي وكنت موفر له كل حاجة من البلد ومن الخارج وفي يوم من الأيام تخيلت انني امتلكت كل حاجة في الدنيا مال وبيت وعيلة وأولاد ونفوذ وسلطة وقوة وأستطيع أن أمتلك وأشتري أي حاجة في الدنيا ايه اللي نقصني تاني وعشت الشعور والاحساس ده أني أنا قوي وكبير وتعاملت مع من حولي بهذا الإحساس والشعور وبعد أسابيع معدودة وأنا قاعد مع مرزوق ابني نتغدى حس بتعب وإرهاق شديد على الفور أخذته وذهبت به إلى أكبر وأغلى مستشفى واتصلت على المطار يجهزوا طيارة خاصة للطوارئ وبعد فحوصات طويلة في المستشفى كانت الصدمة القاتلة مرزوق مريض بالسرطان أظلمت الدنيا في وجهي وتركت كل شيء وأسرعت إلى المطار وعلى الفور سافرنا إلى فرنسا وذهبت به إلى أكبر المراكز الطبية هناك وأحضرت له أكبر الأطباء من الدول المجاورة وبعد أسابيع قليلة أبغني الأطباء أن حالة مرزوق متأخرة وأن المرض تمكن منه ويجب أن أعود به وأخذت أنظر إلى ابني وأنا أسأل نفسي أين أموالي وثرواتي وبنوكي وشركاتي لكي تشفي ابني وتعيد إليه صحته وعافيته أين قوتي ونفوذي وسلطتي لكي تدفع عن ابني المرض وبعد أيام توفى ابني وتمنيت أن أخسر كل ما عندي من ثروات وأموال مقابل أن يرجع ابني مرة أخرى واكتشفت كم أنا ضعيف وعاجز وفقير أمام ابني وهو يواجه المرض والموت

زر الذهاب إلى الأعلى