محمد أمين المصري يكتب: المغرب..نهضة شعب
في العاشر من ديسمبر الجاري، كتب أسود الأطلسي تاريخا ناصعا للمغرب والعرب وإفريقيا عندما فازوا على البرتغال، فكان يوما سعيدافي قلوب الجميع بعد تحقيق أعظم إنجاز في عالم كرة القدم والصعود للمربع الذهبي. لن أضيف جديدا بالحديث عن روح لاعبي المنتخب المغربي واستبسالهم عن بكرة أبيهم بقيادة وليد الركراكي المدرب الوطني الواعي الذي غرس في قلوبهم الثقة واليقين بالفوز، وبذل كل جهد من أجل الصعود للقمر.
تقديري أن المهمة تبدأ ككابوس لدى كل مدرب قبل خوض البطولة حتى لو كان الأفضل عالميا، ثم يتحول الكابوس تدريجيا الى أحلام يقظة عبر تحقيق فوز في الأدوار التمهيدية، ثم يصعد الأمل الى واقع أشبه بالخيال عندما يصعد لدور الـ16.. ثم يتغير كل هذا مع تحقيق فوز آخر والصعود للمربع الذهبي، هنا تحول المدرب الركراكي الى أسد الغابة فقاد الدفة وففع أسود الأطلسي الى القضاء على أقوى المنتخبات العالمية، بلجيكا وبولندا والبرتغال. من مظاهر قوةالركراكي تصريحه عقب فوز الأطلسي على بلجيكا في الأدوار التمهيدية بأنه يحلم بالفوز بالبطولة، ولم يستمع أحد له وقتها أو لو سمعه لم يصدقه، ولكنه نجح في بعث الثقة في نفوس الشعب المغربي والعرب أجمعين ومن قبلهم لاعبيه الأبطال الذين حلموا معه بحمل كأس المونديال في النسخة القطرية.
نحن هنا نتحدث عن رجل يمتلك أدوات النجاح ويعي مهام عمله والمطلوب منه لتحقيقه لبلده وشعبه، وبكلمات بسيطة وقليلة تحدث بها الركراكي للاعبيه قال فيها: “بإمكانكم الإيمان بقدرتكم على تحقيق الصعب ونيل الحلم، لن نذهب الى قطر لخوض 3 مباريات فقط ونعود لبلدنا..ضعوا ذلك في عقولكم ويجب أن تحلموا وتثقوا بما نرغب في تحقيقه”.. وظل الركراكي يردد هذه الكلمات ونغمة التحدي والقوة والتفاؤل للاعبيه حتى أدركوا جديا إنه لن يغادر الدوحة خالي الوفاض، فحتما سيحمل شيئا معه حىى لو لعب حمل رابع أقوى فريق في العالم.
المؤكد أن المنتخب المغربي زرع لدينا حلما بقدرتنا على الصعود، ليس في المجال الرياضي فقط ولكن في المجالات كافة.. ولم لا؟! فالمغرب فعلها وخالف كل التوقعات والمؤكد أيضا أن ثمة قيادة دولة كانت وراء قوة المنتخب، فما رأيناه ليس مبعثه خبرات لاعبين ومدرب فقط. ودليلنا علي قوة الدولة – وهذا كلام منقول عن مصادر اقتصادية من جوجل – فالمغرب حققت معجزة اقتصادية خلال الفترة الأخيرة وتجاوز أزمتي كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية، ولم تردد المغرب كما رددت دول كبرى أن الأزمتين حالتا دون تحقيق نمو اقتصادي، وعلى سبيل المثال وليس حصرا ما تعانيه دولة مثل بريطانيا، حيث شهدت تأسيس بنوك إطعام تتولي توزيع الأغذية على ضحايا أزماتها الاقتصادية. ولكن المغرب تجاوز الصعب وحقق طفرة اقتصادية تمثلت في صادرات قيمتها 29 مليار دولار بارتفاع 37.4 %، و62.2 مليار درهم إيرادات السياحة بزيادة 150% ، و6.5 مليار دولارصادرات السيارات خلال أول تسعة شهور من 2022، ليصل نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي الى 3696 دولارا . وتبلغ موازنة العام المالي المقبل 54 مليار دولار زيادة 15.45 % ، و300 مليار درهمإنفاقا استثماريا متوقعا خلال نفس العام.
وليس غريبا أن تنعكس روح المنتخب المغربي على السياسة، فالرئيس الفرنسي مانويل ماكرون اتصل هاتفيا بالملك محمد السادس ليهنئه بفوز الأطلسي على البرتغال، في حين أن العلاقات الثنائية ليست على ما يرام نتيجة أزمة التأشيرات التي قد تنتهي مع زيارة ماكرون للرباط في يناير المقبل.
شكرا لك ركراكي..وشكرا لكم جميع اللاعبين..وشكرا جمهور المغرب الذي ظل يؤازر فريقه حتى الرمق الأخير..شكرا لكم جميعا فقد أسعدتمونا وزرعتم في قلوبنا الثقة في أن العالم ليس أوروبا وأمريكا فقط، وإنما القمة تسع الجميع، فالرسالة تعني أن لكل مجتهد نصيب، وقد اجتهد الأسود، والأسود تبقى أسود وملوكا، فالأمر كان صعبا وكابوسا في البداية ثم تحول الى حلم في متناول اليد بشموخ أسود الأطلسي ومعهم مدربهم العملاق الذي ظل عصيا على الكسر، ويظل الأمل مرفوعا والنصر آت في المرة القادمة بإذن الله، فقد كتب ملوك الكرة العرب لغة إعجاز في عالم الساحرة المستديرة، وكانوا لنا قدوة على طريق الانتصارات.