محمد أمين المصرى يكتب: عنصرية وإرهابية الغرب
ربما لم يهتم العرب كثيرا بحادث مقتل ثلاثة أكراد في المركز الثقافي الكردي في باريس حتى لو كانت دوافع الحادث عنصرية، فنحن بعيدين تماما عن مثل هذه الأحداث، ربما لكثرة مشاغلنا في الإقليم المتخم بالأزمات، وبالتالي أصبح المواطن العربي غير قادر على استيعاب المزيد من المشكلات، فيكفيه ما يقرأ عن سوريا واليمن وليبيا وأحيانا العراق وإن كانت أخبارها المؤلمة تراجعت بدرجة كبيرة.
نعود الي حادث باريس العنصري، فالمتهم (٦٩ عاما) تمت السيطرة عليه قبل تدخل الشرطة، وعثروا وبحوزته “حقيبة صغيرة” تحتوي على “مخزنين أو ثلاثة ممتلئة بالخراطيش، وعلبة خرطوش من عيار 45 تحوي 25 خرطوشة على الأقل”، ما يؤكد نية القتل العمد، فهو يحمل ذخيرة تكفي لقتل كتيبة وليس أفراد عزل في مركز ثقافي. المشكلة بالإضافة الي القتل العمد، أن الشرطة الفرنسية لم تعلن فورا أسباب الجريمة، رغم انتهاك المتهم انتهاك التشريعات المتعلقة بالأسلحة.
وبخلاف إدانة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “الهجوم” العنصري ووصفه بـ” الدنيء” الذي “استهدف أكراد فرنسا”، فأكراد فرنسا اشتكوا من عدم وصف الشرطة للحادث بأنه حادث إرهابي وهو الوصف الصحيح للجريمة، علما بأن الجاني معروف عنه صفاته الإرهابية، وقد حُكم عليه في يونيو الماضي بالسجن 12 شهرًا بتهمة ارتكاب أعمال عنف بسلاح في 2016. وقد طعن في الحكم. واتهم أيضًا في ديسمبر 2021 بارتكاب أعمال عنف ذات طابع عنصري، مع سبق الإصرار مستخدما أسلحة والتسبب بأضرار لأفعال ارتُكبت في الثامن من ديسمبر 2021. في 2017، حُكم على الرجل بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ لحيازته أسلحة.
إڈن..بعد كل هڈه الجرائم والاتهامات، ماذا يتبقي للشرطة الفرنسية لوصف الحادث بانه إرهابي وليس عنصريا فقط..فنتخيل معا لو الجاني ينتمي لجنسية عربية، فماذا ستكون التهمة؟..كلنا نعلم الوصف، فهي جريمة إرهابية طبعا طالما القاتل غير فرنسي أبيض.
وثمة ميزة يتمتع بها القاتل الفرنسي الأبيض عن أي متهم آخر، وهي نقله أثناء التحقيقات الي مركز علاج نفسي تابع للشرطة،وهو ما بررته النيابة العامة في باريس بقوله إن “الطبيب الذي فحص المشتبه به خلص إلى أن الوضع الصحي للشخص المعني لا يتوافق مع إجراء الاحتجاز”، مضيفة أنه “لذلك، تم رفع إجراء الاحتجاز بانتظار عرضه على قاضي تحقيق عندما تسمح حالته الصحية بذلك”.
تحدثنا الأسبوع الماضي عن أوصاف التنمر والعنصرية التي قوبل بها لاعبي فرنسا من أصول أفريقية عقب هزيمة المنتخب من الأرجنتين، مما يؤكد أن اليمين المتطرف في فرنسا وبقية أوروبا ينشط بصورة مخيفة، بهدف طرد بقية المتجنسين بجنسيات أوروبية، علما بأنه أي منتخب أوروبي يضم الآن أكثر من لاعب من أصول افريقية، ما يعني تراجع قدرات اللاعبين البيض في الملعب، ما يضطر معه كل مدير فني للمنتخب من اختيار اللاعبين السمر بسبب مهاراتهم وإمكاناتهم العالية، فالاختيار هناك لا يرتكن للود او المحسوبية أو القلب، فكلما اجتهد اللاعبون الأفارقة كلما نالوا استحسان وتقدير جمهورهم ومدربيهم، والعكس صحيح..فأوروبا لا تعترف إلا بالشخص السليم بدنيا وعقليا ونفسيا لو كان من الخارج، أما لو مواطن ابن البلد فمن حقه أن يكون عنصريا وإرهابيا ولكن مع عدم إلصاق هذه الأوصاف على أبنائها، ولكن تلتصق بالواردين إليها فقط.