صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، كتاب “الثأر من النكسة” للكتاب الصحفي طارق الطاهر، وهو الكتاب الذي عُنون بـ “الثأر من النكسة.. سيرة ثقافية من 1967 إلى 1973″، ويكشف الكتاب عن الأحداث الثقافية المهمة التي حدثت في مصر في السنوات الست ما بين انكسار النكسة إلى انتصار أكتوبر المجيد، تلك السنوات التي حملت الكثير لهذا الوطن، وحولته من وطن مهزوم إلى منتصر.
يصدر هذا الكتاب في الذكرى الخمسين لانتصارات أكتوبر، وهو الانتصار الذي كان المثقفون وقوده طوال سنوات المحنة، أولئك المثقفون الذين لم تيأس روحهم المثقفة وسعت إلى استخدام أدواتها الفنية كالغناء والموسيقى والرقص والكتابة الروائية والخيال الأدبي الذي سعى من خلاله المثقفون المصريون إلى تغيير الواقع معنويًا وروحيًا وواقعيًا في الآن نفسه.
يرصد الكتاب مشروعات وفعاليات ثقافية أنجزتها الدولة المصرية بعد أيام قليلة من النكسة، ويتوقف عند محاولات بناء وتأسيس فعاليات ثقافية ذات أهمية كبرى مستمرة حتى الآن، منها: تأسيس معرض القاهرة الدولي للكتاب في يناير 1969، واتحاد الناشرين العرب، وكذلك إصرار الدولة المصرية على أن تكون القاهرة قبلة للمفكرين والمثقفين والفرق الفنية من مختلف أنحاء العالم طوال عام 1969 لإحياء ألفية القاهرة. كما يتشابك الكتاب مع ما حدث من اختلاف للرؤى بين صحفيين كبار ومسئولين بارزين مثل انتقاد أحمد بهجت لاحتفالية القاهرة، ودفاع ثروت عكاشة ونجيب محفوظ عن سياسة الوزارة وغيرها من المعارك التي نشبت في تلك الفترة ويرصدها الكتاب مثل المعركة بين فنانين ومنتجين انتقلت إلى ساحات القضاء وصدر بها حكم قضائي لا يزال تأثيره نافذا حتى الآن، وهي القضية التي كسبتها جمعية المؤلفين والملحنين التي حصلت على حكم نهائي يضمن لهم حقوقهم في نسبة بيع الأسطوانات.
ويتعرض الكتاب للأدوار المهمة التي لعبها الفنانون من أجل تدعيم المجهود الحربي، وتوقف الكتاب عند دور أم كلثوم وفي هذا الصدد لم يغفل الكاتب مشروع أم كلثوم المجهض الذي لم ير النور، وهو تأسيس دار أم كلثوم للأعمال الخيرية، الذي وضعت حجر أساسه وشكلت مجلس إدارته ورصدت له من مالها الخاص ما يكفي لانطلاقه، لكنه -للأسف- ظل حبرًا على ورق حتى قبل رحيلها. كما لم يغفل الكتاب رصد الأحداث الأكثر أهمية على المستويين الثقافي والعلمي، وتعرض لانتخابات مجمع اللغة العربية التي رفعت في إحدى دوراتها التي تمت في تلك الفترة لافتة “لم ينجح أحد”، وذلك على الرقم من قيمة الأسماء التي كانت مرشحة آنذاك، مثل نجيب محفوظ وسهير القلماوي وعائشة عبد الرحمن وغيرهم، وغيرها من الأحداث الثقافية المصرية المهمة على المستويين العام والخاص فيما يتعلق بوقائع ثقافية داخل القطر المصري، أو على المستوى العربي ومتعلقة بمصر أيضًا.
إن هذا الكتاب يعد رحلة عبر الزمن، لأكثر من نصف قرن، يتسلح كاتبه بأرشيف ضخم من المراجع المتمثلة في الصحف والمجلات والوثائق التاريخية التي رصدت رغبة الأمة المصرية في تجاوز محنتها، تلك التي تبرهن على قدرة هذا الشعب على تجاوز عسراته وانكساراته وتحويلها إلى انتصارات علمت العالم كله أن الجينات المصرية لا تعرف الاستسلام ولا ينبغي لها أن تعرفه، فأصبحت معاركه في شتى المجالات نماذج تُدرس في المعاهد والجامعات المتخصصة في العلوم العسكرية وغير العسكرية.
جدير بالذكر أن هذا الكتاب سيوزع مجانًا مع عدد نوفمبر 2023 من مجلة الثقافة الجديدة.