مقالات الرأى

عبد المعطى أحمد يكتب: هل نحن فعلا أمة وسطية؟

0:00

عبد المعطى أحمد يكتب: هل نحن فعلا أمة وسطية؟

أطرف وصف نطلقه علينا وبإسراف شديد كمسلمين وكمصريين هو أننا أمة وسطية فى ماذا؟ وكيف؟ وماهى ملامح وحدود هذه الوسطية؟ لا أحد يعلم, لكننا فى النهاية أمة وسطية ووسطيتنا كما ندعى فى كل شىء, فى فهمنا للدين, وفى تقييمنا للحياة , وفى تعاملاتنا مع الحكام, وفى سلوكنا اليومى مع بعضنا البعض.

والغريب فى وسطيتنا هذه أننا نسرف فى استخدام اسماء التفضيل, فنقول: الأجمل وليس جميلا, ونقول: الأذكى والأنبه والأمهر والأشطر والعبقرى والفذ, ولانصفه بالذكى أو النبيه أو الماهر أو الشاطر, وهو مايعنى أننا لسنا بوسطيين, وأن أحكامنا لاتعرف الوسطية على الإطلاق.

والمدهش أننا لانكتفى بأحد الأوصاف للموصوف, بل نمنحه العديد من الألقاب خاصة الحكام مثل: الزعيم, والقائد والعبقرى والمحنك وغيرها من الألقاب التى تضعه فى مصاف القديسين, والذى يتابع الحياة السياسية يكتشف بسهولة ظاهرة أو مرض أسماء التفضيل, ومن يقلب فى ذاكرته قليلا ويستدعى بعض المشاهد المخزنة عن المخالفين لنا يجد أننا حكمنا عليهم بالتشدد, والتطرف,والجهل, والعمالة.

والسؤال ماذا يعنى هذا؟ هل نعيش حالة ازدواج؟ هل نحن بالفعل أمة وسطية؟ ماذانسمى تطرفنا أو إسرافنا فى استخدام أسماء التفضيل؟ ولماذا نمنح من نريده أو نحبه ألقاب الأبطال والقديسين والعباقرة والأنبياء؟

أظن أن أقرب تشخيص لحالتنا هذه هو النفاق أو المداهنة أو الإسراف فى المجاملة, وهذه الآفة زرعتها بعض أو أغلب النخب, ويمكن إرجاعها إنتشارها إلى عدة أسباب منها القهر, والخوف, والسعى نحو تحقيق مصالح شخصية.

ومن يعود إلى تاريخنا السياسى عبر سنوات طويلة يضع يده على المئات من الشواهد التى تؤكد نفاق ومداهنة النخبة خوفا وطمعا فى سلطة أو مصلحة مثل القصائد التى نظمها الشعراء فى مدح الخلفاء والحكام طمعا فى عطية , والأحكام التى أصدرها بعض القضاة ومشايخ المذاهب تقربا لملك أو سلطان, والأخبار التى ألفت ورويت فى بطولات وحكمة بعضهم, وهؤلاء الشعراء والقضاة ومشايخ المذاهب ورواة الأخبار كانوا يمثلون كذلك القدوة السيئة والحسنة لعامة الناس , والناس على دين حكامهم ونخبهم, لهذا كان من الطبيعى أن يقلد العامة قدوتهم فى نفاقهم أو مداهنتهم او مجاملتهم , ومن المنطقى أن يصبح هذا النفاق أسلوب حياة فى يومياتنا أو فى حياتنا الطبيعية.

• بعض الناس لايبقى منهم أى شىء, والبعض الآخر يتحدى الزمن ويبقى حاضرا كأنه لم يغب لحظة, وعالم مصر أحمد زويل رحل جسدا وبقى رمزا وحضورا وتاريخا, ففى 11 أغسطس2021 رحل عن دنيانا أحمد زويل وهو فى قمة مجده وتألقه وترك خلفه فراغا لايعوضه أحد, كانت أمامه أحلام كثيرة لنفسه ووطنه وأمته, وكان يرى أن مصر تستحق مكانة أكبر, وأن الشعب المصرى لابد أن يكون فى مقدمة الدول الكبرى, وأن تاريخ مصر وإنجازات شعبها جديرة بأن تتصدر السباق.
• كان مشروع زويل ومدينته العلمية بداية أحلامه ورغم الأزمات التى عاناها أمام مؤسسات لم تقدر أحلامه لم يتخل عن مشروعه, ووقف صامدا لكى يراه قبل أن يرحل, وكان من أحلامه أن يستقر فى مصر, واشترى بيتا لأسرته وأبنائه فى ضواحى القاهرة لكى يسكن فيه, وكان محبا للحياة, وقبل أن يرحل بشهور كان متفائلا لاكتشاف علاج جديد, وكانت الأوساط العلمية العلمية فى العالم ترشح زويل ليحصل على جائزة نوبل للمرة الثانية, ولكن الرحيل كان أسرع. إن أحمد زويل العالم مازال يعيش بيننا قصة نجاح فريدة, وسوف تبقى أحلامه لوطنه وأمته درسا للأجيال المقبلة, اما أحمد زويل الإنسان فسوف يظل محتفظا بمكانته فى قلب كل مصرى نموذجا فريدا للنجاح وقدوة صالحة لكل زمان ومكان, وسوف تظل حياة أحمد زويل وقصة نجاحه حكاية مصرية لكل الأجيال ,هذا الشاب الذى اقتحم يوما قلاع العلم فى بلادها ليقدم لشباب مصر قصة نجاح فريدة جعلت منه رمزا لكل من يصنع حلما يليق بمكانة وطنه ومستقبل شعبه. رحل أحمد زويل الجسد, وبقى زويل القيمة والحلم والإنجاز, فأصحاب الأحلام العظيمة لايغيبون لأنهم أكبر من الغياب.
• عندما انفجرت قنبلة هيروشيما فى 6أغسطس عام1945 كان تأثيرها أقل دمارا بمراحل من الرطوبة الآن!

زر الذهاب إلى الأعلى