مقالات الرأى

صفوت عباس يكتب: .. (زمن الميليشيات وصناعة تفكيك الدول )

الكتابه التي تعرض صوره الواقع علي الارض لاتعتبر تصوير بالكاميرا وسردا لما يعرفه للجميع بقدر ماتحترم عقل القارئ علي استنباط واسترجاع مدلولات الأسماء والكلمات وتترك له مساحه وافره ليكون صورته ورايه حيال الامر الذي يصوره الكاتب دون وصايه منه وتعد من قبيل العصف الذهني الذي يستثير القارئ ليكون منتجا ومعبرا ومتفاعلا برايه حتي وان لم تتوفر قناه لرد الفعل يصل براي المتلقي الي المرسل، وذِكر هذا جاء تعقيبا علي عتاب رقيق لصديق عزيز ومثقف وقارئ بعد مقال سابق وصف وسرد لصفه وتفاصيل المشهد السوداني الراهن والذي اري ان توضيح صورته كافيه لتكون تنبوء يستنتجه القارئ عن افاق ماسيحدث للسودان _سلمه الله _ وربما يكون عرض الصوره دون تعقيب عليها فقط توخيا وحذرا من تغير المشهد في عالم زئبقي لايعرف احد طبيعه حركته وضبابي لايعرف ايضا احد كثير من خباياه التي قد تكون فاعله ومؤثره ويكون التغير في فتره مابين الكتابه والنشر او اقل.

اشهر الميليشيات حاليا ميليشيا الدعم السريع بالسودان ومعها فاجنر الروسيه وبعدهما ميليشيا الحوثي باليمن والحشد الشعبي من شيعه العراق وميليشات العشائر من السنه هناك ومليشيات جبهه النصره وهيئه تحرير الشام بسوريا والميليشيات العامله في ليبيا لحساب من استقدمها ويشغلها ولايتعدي حزبا الله اللبناني والعراقي كونهما ايضا ميلشيات ربما كانا بحجم الدوله او اكبر، والاوسع انتشارا داعش وقبلها القاعده وطالبان، وفي مصر تشكلت ميلشيات طلاب الازهر الاخوان ايام حكم مبارك ومليشياتهم التي فضت اعتصام المتظاهرين ضد رئيسهم مرسي امام الاتحاديه ثم تجمع مليشياتهم في رابعه والنهضه والتي انتهت كلها بحمد الله وفضله الذي كرس لمصر شعبها وجيشها لنصرتها… ولعل اغلب هذه الاسماء قامت علي ادعاء لافكار دينيه او دينيه مذهبيه او طائفيه وهذا ادعي للمراجعه من استخدام فكره استخدام الدين لانتاج شكل سياسي، ولعل بعضها اتت بفعل اصحاب مصالح وقوي وتمويل اقليمي او دولي بغرض حرب الوكاله ضد خصوم او لفرض وخلق مناطق نفوذ ومنافع اقتصاديه وسياسيه وصناعه ولاء.

والملاحظ ان كل هذه الميليشيات صعدت في حالات بلاد رخوه بطبعها او بفعل محاصصه او بفعل ثورات ضد انظمه كرست هشاشه تلك الدول التي تعمل فيها تلك الميليشيات.
وربما لايخفي علي احد ان هذه الميليشيات ساهمت بالجزء الاكبر من الجهد الذي استهدف تقويض تلك الدول واخراجها من حاله الدوله الي شبه دوله ووضعت بجداره حاله فشل في العوده الي التماسك والالتحام في شكل دوله قائمه امنه مستقره.

ولان الحدث السوداني هو سيد الاحداث التي تعنينا الآن واحد الصور التي يجب وصفها يلزمنا ذكر ان صعود الدعم السريع التي شكلها حميدتي من مليشيا الجنجويد التي كانت تقوم بالسلب وتطورت الي حراسه القوافل الي إنها تمرد دارفور ونشأت وفق مااسلفنا في منطقه رخوه من غرب السودان وقدره رخوه للجيش السوداني في احتواء تمرد دارفور الامر الذي صعد بحميدتي ليكون من رجال البشير ومنحه البشير فرصه استغلال مناجم الذهب ليدفع لمرتزقته واصبح كيانا اقتصاديا كما قامت دول اقليميه باستخدام مرتزقته في الحرب علي الحوثي مما دعمه ماليا ايضا ويستعين بفاجنر الروسيه في مجال الذهب وليكون حميدتي الرجل الثاني في المشهد السوداني قبل الحرب مع الجيش ويكون نصف او اكثر من نصف الحرب الحاليه التي لايعلم احد كيف ستنتهي ولمصلحه من، وفي المقابل صعدت قوات فاجنر التي اسسها الجنرال الروسي المتقاعد يفجيني بريغوزين كشركه مطاعم وخدمات تطورت لان تكون وحدات قتاليه قوامها مؤخرا من مساجين واستخدمها بوتن للحسم في الشيشان والقرم وفي اوكرانيا للحسم في باخموت وخيرسون وتعمل في ليبيا مع حفتر وفي السودان في نشاط وحمايه الذهب الذي يسيطر عليه حميدتي ودعمه السريع واصبح قائدها مقربا اكثر من بوتن وينتقد في العلن سلوك و قيادات الجيش الروسي وتكتيكاتها في الحرب وهو ماحدث مثله من انتقاد حميدتي في حديث متلفز له يستعرض فيه تاريخه _انتقد _ تكتيكات الجيش مهللا لاسلوب حرب العصابات الذي حسم الصراع في دار فور.
المقارنه بين حميدتي وبريجوزين وبالتالي بين الدعم السريع وفاخنر اصبحت سهله فهما متطابقان في طريقه الصعود والمكونات والترزق من النزاعات اوانشطه مشبوهه وغير مشبوهه وبينهما شراكه غير ان قوام الدعم السريع من السود وفاجنر من اصحاب البشره البيضاء و حميدتي راع ابل تحول لجنرااال وبريجوزين جنرال سابق تحول لراع مال وجنود وحروب.
هل يثمر التطابق بينهما وشراكتهما في تطويرها لتعاون عسكري علي ارض الواقع السوداني المهترئ ليشكل حسما او لاحسم وهل لو تدخلت فاجنر سيصمت اطراف دوليون اخرون يناصبون دولتها و أغراضها العداء فيتشكل واقعا اشد مراره بالسودان. اللهم سلم.

زر الذهاب إلى الأعلى