مقالات الرأى

رشدى الدقن يكتب: عندما تحدثت المومياء !

0:00

عندما تحدثت المومياء ليس عنوانا مجازيا أو خادعا .. نعم هناك مومياء تحدثت لكثير من العمال وعلى مدار 4 أيام متتالية .. العمال أكدوا الحكاية بنفس بتفاصيلها أكثر من مرة .. ثم جاءت الأوامر بالصمت وعدم إثارة الموضوع .. وبالطبع لم يجرى تحقيق كامل فى الحكاية التى قالها عمال الترميم فى مقبرة الكاهن منتومحات فيمنطقة العساسيف الأثرية، قرب معبد الملكة حتشبسوت... والتيتعد الأكبر من نوعها من بين المقابر المنحوتة في الصخر والمكونة منثلاثة طوابق.

عمال التنقيب والترميمات الأثرية في قرى ونجوع منطقة القرنةالغنية بمعابد ومقابر جدودنا قدماء المصريين ، غرب مدينة الأقصرالتاريخية في صعيد مصر،  أكدوا قصة المومياء التي تحدثتوطلبت منهم أن يغطوا ما تعرى من جسدها .. بعد سرقة اللصوص مجوهرتها وكشفوا عن جسدها أثناء بحثهم عما يسرقوه من ذهب .

المثير أن بعض العمال ممن شهدوا الحكاية ،قالوا أن نفس المرأة زارتهم عدة مرات فى أحلامهم وطلبت نفس الأمر .. قالت لهم “غطوا جسدى العارى .. ضعونى أسفل التراب “

قبل أن أحكى لكم حكاية هذه المومياء .. دعونى أصف لكم المقبرة التى وجدوها بها والتى تعد درة مقابر الأقصر من شدة جمالها .

المقبرة منحوتة في أرضية الوادي الصخرية، وهي من أضخم المقابرالمنحوتة في الصخر، وطرازها المعماري فريد للغاية.

وتتميز برسومات  لم تتكرر في غيرها من المقابر، وتحوي تابوتاضخما، وعددا من التماثيل لصاحب التابوت وزوجته، بالإضافة إلىوجود 8 صناديق خشبية مطلية بالذهب علي جانبي الفناء المفتوح،ويعتبرها العلماء والأثريون درة مقابر العساسيف بالأقصر.

وقد عثرت بعثة الآثار المصرية أثناء قيامها بأعمال تنظيف الصالةالوسطي لمقبرة أمنتومحات عام 1987 علي عدد من الحجراتوالممرات في طابقين متتاليين أسفل الطابق العلوي، وهو ما يعدتصميما فريدا من نوعه ، حيث وجد الباحثون ممرا بالصالةالوسطي يؤدي إلي أسفلها ومنه إلي صالة ضخمة، ومن هذهالصالة ممر يصلنا بصالة أخري وجميع هذه الحجرات والممرات فيالصخر يصل طولها إلي أكثر من 150 م وعلي عمق نحو 20م.

وفي بداية المقبرة توجد صالة يتم الوصول إليها عن طريق سلمهابط ثم ممر يؤدي إلي الفناء المفتوح ، ثم نجد سردابا هابطا يصلإلي غرفة الدفن في أقصي الطرف الشرقي الجنوبي للفناء عليعمق 8 م وتضم تابوت صاحب المقبرة، وهو من أجمل التوابيتالمنقوشة التي تمثل الفن المصري فى فترة الأسرة الـ26 ، وفيالناحية الغربية من الفناء نجد ممرا أفقيا يفتح علي بقية أجزاءالمقبرة التي تهدم كثير منها بفعل سوء طبيعة الصخور في المنطقة.

اذا كانت هذه هى حكاية المقبرة فمن هو صاحبها والذى لقبوه بأمير الدهاء .

كان «منتومحات» عمدة مدينة طيبة (الأقصر حاليًا) وحاكم جنوبالبلاد، نموذجًا شديد الخصوصية والتميز في سيرة رجال مصرالقديمة وقت المحن، و لعب دورًا مهمًا في فترة عصيبة من تاريخوادي النيل ، حينما كانت البلاد تتنازعها ثلاث سلطات: المصريونالذين أرادوا أن تبقى بلادهم حرة، والكوشيون الذين أرادوا السيطرةمرة أخرى على البلاد بعدما أسسوا فيها الأسرة الخامسةوالعشرين، والآشوريون الذين كانوا في عز مجدهم الامبراطوريوأرادوا طرد الكوشيين وضم مصر لهم

«منتومحات» بكل قوة ودهاء أرضى القوى الثلاث وأبقى مدينتهحرة و سالمة ، وواجه الكوشيون القادمون من الجنوب واكتسب ثقتهم وعندما أتى الآشوريون من الشرق بنيّة الغزو والتدميروطمس الهوية وقف لهم بشجاعة كبيرة ، أما المصريون فقد كانتالقوة في يد أهل الدلتا بشمال البلاد ، وكان على «منتومحات»التعامل بحذر من سيطرة الوجه البحري على الوجه القبلي المنتميإليه، لذا فمَن يقف مكان «منتومحات» ويرى المخاطر تأتيه منالجنوب والشرق والشمال فلا بد أن يتحلى بشجاعة الأسد ومكرالثعلب وثبات الفيل، ويجب أن يعلم أن القرار الخاطئ قد لا يكلفهمنصبه وحياته فقط، بل قد يؤدي إلى دمار بلاده بالكامل ومحوتاريخها .. ولهذا أطلقوا عليه أمير الدهاء .

نعود إلى قصة المومياء التى وجدوها فى مقبرته ولا يعرفون من هى وكيف تحدثت وماذا قالت ؟

الحكاية بدأت مع  عملية الترميم لمقبرة الكاهن منتومحات الشهيربأمير طيبة، ومن أول يوم لفت نظر العمال أن من بين مجموعاتالمومياوات التي وجدوها في المقبرة، مومياء لسيدة تنظر إليهم ووجهها يتغير  وتحرك شفاها ، لاول وهلة ظن العمال أنهم يهيئ لهم ..وكل منهم صمت ومر فى طريقه وواصل عمله ظنا منه أنه الوحيد الذى رأى ذلك .. وأنه لو قال لأحد من زملائه فلن يصدقه …وفى اليوم الثانى تكرر نفس الشئ من نفس المومياء وكأنها تريد أن تقول شئ لهم .. ورغم أن العمال تحدثوا لبعضهم البعض وذهبوا إليها ووقفوا أمامها جميعا ولاحظوا نفس الحركات لتغير شكل الوجه وتحرك الشفتين إلا أنهم تركوها وذهبوا إلى بيوتهم .

في اليوم االتالى تكرر ما جرى ، وحين تأملوها وجدوها تتحدثإليهم بلغة قريبة من لغة الإشارة وكأنها تريد أن تقول لهم شيئا ماإلا أنهم ايضا تركوها وذهبوا إلى عملهم .

في اليوم الرابع من عملهم بالمقبرة، وكانت الحكاية قد انتشرت بشكل واسع جدا بين الجميع ، حضر بعض العمال ممن لا يعملون فى المقبرة ولم يشاهدوا هذه المؤمياء من قبل ، وهم في لهفة لرؤيةالمومياء التى تتحدث ، وبمجرد وقوفهم أمامها تسمروا وأصابتهم الحيرة والدهشة .. وبدا ان تواصلا ما يجرى بينهم وبين المومياء التى تغير وجهها وتحركت شفتاها .

دقائق من الصمت مرت بطيئة الكل مذهول من المشهد حتى أفاق العمال ونظر كل منهم للآخر وحكوا حكاية أغرب من الخيال .. المومياء نفسها زارتهم فى أحلامهم على مدار الأيام الثلاثة الماضية وطلبت منهم جميعا طلب وحيد .. قالت لهم المومياءأريد منكمتغطية جسديلقد صرتعارية على يد لصوص المقابرأرجوكم ضعوني تحت التراب “.

عمال المقبرة اعتبروا ما حدث رسالة مهمة ووصية عليهم تنفيذها .. وبالفعل قرروا تغطية جسدها ودفها تحت التراب كما طلبت .

زر الذهاب إلى الأعلى