راندا الهادي تكتب : (همبكة )المؤتمرات
همبكة أو همبجة كلمة نسمعها في العامية “بلاش همبكة” بمعنى توقف عن الخداع أو النصب، ولعلها مشتقة من الإنجليزية (humbug)بمعنى الاحتيال أو الخداع أو دجال. المصدر: كتاب أصول الألفاظ والتعبيرات العامية للدكتور خالد توفيق، أستاذ الترجمة بجامعة القاهرة.
أنا لا أحب المؤتمرات أو أجواءها ، ولعل ذلك يرجع إلى كوني لست عضوًا فاعلًا فيها ، ويقتصر حضوري لها على التغطية لمجرياتها بحكم عملي في الإعلام.
وظل شعوري دوما أن المؤتمرات في بلادنا كانت وتكون لمجرد ( الشو الإعلامي) أي الاستعراض ، فمن أراد يفعل ومن يفعل لا يحتاج لمؤتمر و-لمة كذابة – كما يقول الأجداد-. ما صدمني البارحة هو أحد المنشورات الذي ظهر على صفحتي الشخصية بدون سابق إنذار عن تجارة المؤتمرات العلمية ، وكيف أنها تحولت في بلادنا العربية إلى سبوبة ومصلحة . انتبه أيها القاريء لم انتقل من المحلية إلى العربية من فراغ ، وإنما كان سندي ما ذكره البعض من دولٍ شقيقة ك الجزائر وليبيا والمغرب في ال (كومنتات) يؤكد هذه الظاهرة ،سواءٌ عبر مواقف عاشوها أو أراء يؤمنون بها.
المنشور أو ( البوست) كان يتحدث عن مقال تم نشره في مجلة نيتشر( nature ) العلمية عن المؤتمرات عديمة القيمة …!! ، ليكتب صاحب المنشور الأستاذ الدكتور خالد عمارة الأستاذ في جراحات العظام معلقًا : حيث تسأل عن الأستاذ فلان أو المهندس فلان أو الباحث فلان أو الطبيب فلان … فيقال لك هو في مؤتمر ، وبطبيعة الحال تتخيل أنه شخص هام يحضر محفلًا علميًا محترمًا، بينما هو في الحقيقة ذاهب لإلتقاط بعض الصور بدون محتوى علمي يستحق ، و تجد فلانًا يضع صورته و هو يلقي محاضرةً أو في الخلفية شعارٌ لمؤتمر ؛ بينما في الحقيقة هو مجرد تجمع من المحاضرات المكررة ،يحضره بعض الناس ممن ليس وراءهم أمور أكثر أهمية يفعلونها بحياتهم .
أطلق المقال في مجلة nature على هذه الظاهرة مسمى ( المؤتمرات الطفيلية أو مؤتمرات الإحتيال )، لهذا الحد انتهى اقتباسي من منشور الدكتور خالد عمارة ، له مني كل التحية .
وكعادتي عندما أقابل مثل هذه المنشورات المهمة ، أذهب فورا للتعليقات ، التي تكشف الحقيقة عبر أُناس خاضوا تجارب إما تؤكد أو تفند ما يطرحه المنشور ، وبالفعل وجدت ضالتي ، فمثلا أحد الأخوة من الجزائر كتب يقول : كنت منظِّماً في أحد الملتقيات العلمية في الجامعة ، ولما انتهى الملتقى رأيت أحد الأساتذة يعتلي منصة بها شعار الملتقى وأمسك الميكروفون و أخذ بعض الصور ظننتها للذكرى بينه و بين نفسه، فإذا بي في المساء أرى منشورا له على الفيسبوك فيه تلك الصور مرفقا لها بعبارة ( مداخلتي اليوم بعنوان…….. في ملتقى…… بجامعة…….).
في حين كتب آخر من مصر أن المشكلة هو تحول تلك المؤتمرات وورش العمل الى شهادات اعتبارية لاقيمه علمية لها، بينما أكد آخر أن تنظيم المؤتمرات من قبل المؤسسات والجامعات أصبح مصدرًا للتباهي والكسب ،وطريقة لعرض بحوث مكررة الغرض منها الترقية الوظيفية وإظهار عضلات بعض المتباهين أمام وسائل الإعلام.
وعلى هذا المنوال توالت التعليقات من دول عربية بكل اللهجات داعمين لرؤية المقال ، بل ومؤكدين بالوقائع والأحداث التمثيليةَ التي تُسمى عندنا ب( المؤتمرات العلمية) ، وهنا لا أجد ختامًا أبلغ من تعليق أحد المحترمين بتلك الكلمات : الصبر لله ،عاشت أجيالٌ لطيفة وماتت و لم تجد أحداً يسألها عن إنجازاتها …… اليوم كل شيء مرتبط بسؤال ما المقابل ؟.