مقالات الرأى

رئيس التحرير الكاتب الصحفي محمد مخلوف يكتب.. مصر والسعودية..حماة الأمة .. مصير مشترك ويد واحدة

قالها ملك السعودية المؤسس، الملك عبد العزيز آل سعود ، رحمه الله، منذ زمن طويل، بأنه “لا غنى للعرب عن مصر ولا غنى لمصر عن العرب”، كما قالها، الرئيس عبد الفتاح السيسي، “إن أمن السعودية الشقيقة وأمن الخليج العربى جزء لا يتجزأ من أمن مصر “، معلناً دعمه لأمن المملكة ورفضه لأي اعتداءات على أراضيها، ولن ننسى كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عقب زيارته للقاهرة عام 2016، التي قال فيها “لمصر في نفسي مكانة خاصة، ونحن في المملكة نعتز بها، وبعلاقتنا الاستراتيجية”.

تابعت بكل فخر وفرح الاستقبال التاريخي الكبير والمهيب من الدولة المصرية بحضور فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، لزيارة سمو ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، والاحتفاء الرسمي والشعبي، بهذه الزيارة الهامة، لضيفنا العزيز والكريم ولي العهد السعودي إلى بلده الثاني مصر، حيث تتميز العلاقات بين البلدين بأنها استراتيجية وقوية للغاية وبمثابة خط أحمر وأى محاولات لتصوير الأمر غير ذلك فاشلة ، فعلاقات البلدين تتميز بالتفرد والمسؤولية فى إدارة كل الأزمات التى تمر بها المنطقة، ووسائل الإعلام بالبلدين ترسخ للعلاقات القوية وهناك تكامل وتعاون بين مصر والسعودية لا منافسة، فالسلام والامن والتنمية وفقاً لأجندة 2030 للبلدين هم ركائز التعاون المشترك.

لقُرابة الـ100 عام، يمتد عمر العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين مصر والسعودية، التي بدأت منذ توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين في عام 1936، والتي شهدت تاريخًا طويلا من الدعم ، واتفاقا في الرؤى في مختلف القضايا المتعلقة بالتنمية وتحقيق مصالح شعوب المنطقة العربية، وبما أننا نحتفل هذه الأيام بالذكرى الحادية والخمسين لانتصارات اكتوبر المجيدة ، فإننا نتذكر الدور العظيم الذي قامت به السعودية، خلال حرب 6 أكتوبر، الذي جعل العلاقات بين البلدين تصل إلى أبهى صورها، ففي 17 أكتوبر 1973 بعد الانتصار العسكري الذي حققته القوات المصرية على الجبهة في سيناء والقوات العربية بالأراضي المحتلة الأخرى، قرر العاهل السعودي الملك فيصل، رحمه الله، استخدام سلاح بديل عن البارود، وهو وقف بيع البترول للغرب ، حيث كان قرار تاريخي لن ننساه وذلك بهدف إجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وساهم ذلك في استكمال انتصارنا العظيم.كما قام الأمير سلطان بن عبد العزيز بتفقد خط المعركة في أحد الخنادق على الجبهة المصرية..

زيارة ولي العهد السعودي تعكس بما لا يدع مجالًا للشك عمق ومتانة العلاقات التاريخية بين مصر والمملكة العربية السعودية وحجم التعاون القائم بينهما، في ظل الروابط الأخوية التي تجمعهما على المستويين القيادي والشعبي والتي تستهدف تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وستكون خارطة طريق لآليات التعامل مع القضايا والتحديات المشتركة الراهنة وتعزيز التضامن العربي والعمل المشترك في ظل اضطراب الأوضاع العالمية، كما إن مباحثات الرئيس السيسي وولي العهد السعودي ستُعزز آفاق التعاون الاستراتيجي والاقتصادي بما يُحقق مصالح الشعبين والأمتين العربية والإسلامية، فالمباحثات المتبادلة بين الزعيمين خرجت بنتائج إيجابية تدعم أواصر العلاقات الثنائية، وتُعزز مواجهة المنطقة للتحديات الأخيرة، وسيكون هناك العديد من النتائج الإيجابية لهذه الزيارة، وأهمها الاتفاقيات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات خاصة المجالات الاقتصادية، فالعلاقة بين مصر والسعودية مثالًا للتفاهم والتنسيق في كافة الملفات.

بلغت العلاقات المصرية ــ السعودية أعلى وأفضل مستوياتها فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولى العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث تعددت الزيارات بين الجانبين، وتم تطوير التعاون العسكري، والتكامل الاقتصادي، والاستثمارات المتبادلة، إضافة إلى عدد كبير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وتعزيز الشراكة الإستراتيجية، لتصبح معها السعودية أكبر شريك تجارى لمصر فى الشرق الأوسط، وثاني أكبر شريك اقتصادي في العالم، إضافة إلى التعاون السياسي؛ بحكم أنه يقع على البلدين العبء الأكبر فى تحقيق التضامن العربي، وهو ما جعل العلاقات التاريخية تصمد فى وجه كل العقبات، وتتوفر لها الحصانة ضد أى اختلافات فى وجهات النظر بشأن بعض القضايا، وأهلها لتكون نموذجا يحتذى به فى العلاقات بين الأشقاء، ويجعل لها خصوصية ناتجة من الروابط التاريخية والشعبية القوية والمصالح المشتركة.

كانت وتزال القضية الفلسطينية علي أولوية أجندة الدولة المصرية، والمملكة السعودية الشقيقة، فمصر وحدها قدمت نحو 80% من المساعدات الإغاثية التي دخلت إلى القطاع، وفتحت مستشفياتها للمصابين والمرضى من أهلنا في القطاع، كما قدمت المملكة أكثر من 5 مليارات دولار من المساعدات للشعب الفلسطيني، وساهمت عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بقرابة 185 مليون دولار مساعدات إغاثية وإنسانية، ويواصل البلدين دعمهما للبنان وللسودان ولمختلف الدول الشقيقة.

أود الإشادة بالإعلان عن تشكيل مجلس التنسيق الأعلى بين السعودية ومصر، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فذلك يؤكد أن البلدين يجمعهما مستوى متميز من التنسيق والشراكات، فالهدف من المجلس تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، ودفع آفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية، والدفاعية والأمنية والثقافية والإعلامية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، فهذا التعاون يعود بالنفع على الاقتصادين السعودي والمصري اللذين يعدان نواة الاقتصاد العربي، وسيسهم ذلك التكامل في الاستفادة من المزايا التنافسية لكل منهما وتعزيز النمو الاقتصادي بالمنطقة.. وانتهز هذه الفرصة لأشكر المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، لدعمهم الاقتصاد المصري باستمرار، خاصة اعلان ولي العهد السعودي منذ أسابيع عن قيامه بتوجيه “صندوق الاستثمارات العامة” السعودي للقيام بضخ استثمارات في مصر بإجمالي 5 مليارات دولار كمرحلة أولى، فمصر قيادة وشعبا وحكومة لم ولن تنسى كل من يساندها ويدعمها خاصة من الأشقاء وعلى رأسهم المملكة السعودية الشقيقة.

قبل الختام.. أود أن أهنئ سفير خادم الحرمين الشريفين الجديد لدى مصر، السفير صالح بن عيد الحصيني، على توليه منصبه الحالي، خاصة أنه يقع عليه عبء كبير بسبب توقيت مهمته في ظل الظروف الصعبة وشديدة التعقيد التي تمر بها المنطقة، لكنني أستبشر خيراً بهذا الرجل الأمين ، فرغم توليه منصبه منذ نحو أربعة أشهر فقط، إلا أنه حقق نجاحات كبيرة، ويبذل قصارى جهده لترسيخ العلاقات التاريخية مع القاهرة، والوصول بها إلى أبعد نقطة من التعاون والشراكة والتحالف في المجالات كافة، فهو يتسلح بكثيرٍ من الخبرات العملية والمهنية، فضلاً عن علاقاته مع شخصيات عربية ودولية نافذة، الأمر الذي يساعده على أداء مهام عمله على أكمل وجه، فسيرته الذاتية حافلة بالإنجازات والنجاحات والمناصب المحلية والدولية، التي تقلدها عن جدارة واستحقاق، وأثبت فيها كفاءة استثنائية؛ ما جعل منه رجل دولة، يمكن الاعتماد عليه في القيام بكثير من المهام الصعبة، ومعالجة الملفات المهمة، فقبل منصبه الحالي تقلد منصب مستشار تجاري واقتصادي في مكتب شؤون المهمات والمبادرات في الديوان الملكي، وهذا يؤكد أنه سيكون له دور كبير في تعزيز أوجه التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين على وجه التحديد، وكانت البداية الكبرى في عهده بتشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي وتوقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات بين حكومة البلدين للاستفادة من الفرص الاستثمارية بينهما.

الخلاصة.. مصر والسعودية كانتا وستظلان يداً واحدة، ومصيرهما مشترك..حفظ الله البلدين الشقيقين وشعبهما العظيم وقيادتهما الحكيمة والأمينة، وأسأل الله أن يديم عليهما الأمن والاستقرار والازدهار..مع تمنياتي بدوام الصحة والعافية لخادم الحرمين الشريفين.

زر الذهاب إلى الأعلى