د.سوزان القليني تكتب : المسلسلات الرمضانية والقوة الناعمة
تردد في السنوات الأخيرة مصطلح القوة الناعمة والذي يشير إلى دور الفن والأدب والإعلام والدراما سواء الأفلام والمسلسلات إلى إيجاد نمط جديد من التفكير يؤثر في الانتماء والهوية وصورة الدول داخلياً وخارجياً، وهذا ما ظهر بوضوح من خلال المسلسلات التركية التي نجحت في تأصيل مفهوم القوة الناعمة بأن تكون الدولة جاذبة ويُقبل عليها السائحون من دون دعوة مباشرة ومن دون إجبار.
لا يخفى على أحد أن المسلسلات التركية ساهمت في تنشيط السياحة في تركيا وحببت الجمهور العربي في المنتج التركي بما تعرضه من مناظر خلابة وعروض تشويقية وموضوعات كما أنها تؤكد علي النظام في الشارع وإعمال القانون بالإضافة إلى عوامل أخري، حتي أنها سحبت بشكل ملحوظ السائح العربي من لبنان ومصر اللذين كانا قبلة للسياحة حتي بداية التسعينات من القرن الماضي.
مع تزايد التعرض العربي للمسلسلات التركية على الرغم من أنها تحمل قيماً وسلوكيات تتنافي أحياناً مع قيمنا العربية تزايدت العقود الإعلانية علي القنوات التليفزيونية لتروج بشكل مباشر وغير مباشر للسياحة في تركيا فتضاعفت مكاسب القنوات التليفزيونية من نسب الإعلانات ونسب المشاهدات وتضاعفت مكاسب الدولة من ارتفاع نسبة السائحين والزائرين إلى تركيا، حتي عندما أعلنت كثير من القنوات التليفزيونية عن وقف المسلسلات التركية وجدت لنفسها في المنصات ملاذاً أمناً وترحيباً واسعاً وهو ما يؤكد أن الإعلام صناعة مربحة لكل الأطراف إذا أحُسن استخدامه وتوجيهه للصالح العام.
في شهر رمضان الكريم تتضاعف أعداد المسلسلات المذاعة على القنوات التليفزيونية وعلى المنصات ويزداد التعرض بشكل كبير وتشكل المسلسلات في هذه الفترة الصورة الإعلامية لدي الجمهور المشاهد بشكل تراكمي وغير مباشر.
عندما تعرض معظم مسلسلاتنا الأماكن الشعبية والأحياء القديمة الجميلة في مصر على أنها دولة داخل الدولة لها قوانين خاصة ويحميها الفتوات الذين كنا نسمع عنهم في الماضي ، حيث إن الحق يؤخذ باليد وتتصارع العائلات على من كبير المنطقة والقائم بالتحكيم وعندما تُسحل النساء في الشارع علي مرمى ومسمع من الجميع وعندما تُهان الأسرة والسيدات بألفاظ غير لائقة وتُجسد الخيانة في أبشع صورها سواء الخيانة العائلية أو الزوجية في كثير من المسلسلات كل ذلك يعكس خللاً في الشارع والأسرة المصرية، ناهيك عن إعلانات التبرعات وما تعكسه من صور منفرة تظهر للعالم أجمع عبر وسائل العولمة الإعلامية،
أخيراً: ليتنا نعي أهمية اختيار ما يُقدم عن مصر في تشكيل صورتها لدي العالم.