مقالات الرأى

د.أماني فاروق تكتب: حياة مخترقة

0:00

في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبحنا جميعًا نعيش في عالم يزداد فيه الشعور بالمراقبة يومًا بعد يوم ،، أينما ذهبنا، نجد الكاميرات تلاحقنا من كل زاوية.
بينما كنت ، حتى التصرفات البسيطة والطبيعية مثل النظر إلى مرآة المصعد أصبحت محط أنظار الكاميرات. هذا الشعور جعلني أفكر: هل أصبحت حياتنا حقًا مخترقة بالكامل؟

في يوم آخر، جلست في مقهى قديم في المهندسين، أستمتع بفنجان قهوتي المفضل. ولكن بمجرد أن خرجت وركبت سيارتي، تلقيت رسالة من جوجل تطلب مني تقييم المقهى ، هذا ببساطة شديدة لأن جوجل وبأدواته المتطورة باستخدام الذكاء الإصطناعي قد استطاع حدد موقعي بدقة فائقة، مما جعلني أشعر وكأنني مراقبة حتى في أكثر اللحظات خصوصية.

ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد ، فقد كنت أتحدث مع والدتي في منزلنا عن رغبتي في شراء منتج ما احتاج اليه ، لم يمض وقت طويل حتى وجدت إعلانات من مواقع التسوق الالكتروني المعروفة تظهر على هاتفي تروج لنفس المنتج ، لقد كان هذا التحول السريع والمفاجئ في الإعلانات مفاجئًا ومثيرًا للريبة، وجعلني أشعر بأن حياتي الشخصية تخترق بطريقة لم أكن أتخيلها.

هذه التجارب المتكررة أثارت لدي شعورًا بالخوف والقلق الشديد.. فكيف أصبحت كل تفاصيل حياتنا مكشوفة ومراقبة؟ مكاننا، كلامنا، تحركاتنا، اهتماماتنا، وحتى ما نفكر فيه أحيانًا.

في خضم هذا الشعور، طرأ على بالي سؤال مهم: لماذا نخاف من هذه المراقبة البشرية المستمرة ولا نتذكر أن هناك من يرانا في كل لحظة وهو الله؟ لماذا نقلق من الكاميرات والتقنيات ولا نراقب أنفسنا في أفعالنا وتصرفاتنا ونحن نعلم أن الله يرانا ويسمعنا في كل وقت؟

الكثير منا يخاف أن ينقل عنه كلامًا دون علمه، ولكن ننسى أن الله يسمع كل ما نقول. نفكر في الحيل والمكائد دون أن ندرك أن الله يعلم ما في صدورنا ، نخاف من أن يُكشف غشنا أمام البشر، بينما ننسى أن الله يراقبنا ويعرف أفعالنا.

إن كنا نخاف من المراقبة البشرية إلى هذا الحد، فلماذا لا نراقب أنفسنا ونحسن تصرفاتنا ونحن نعلم أن الله يرانا في كل لحظة؟ فلنطبق نفس درجة الحذر والانتباه التي نمارسها تحت أعين الكاميرات في حياتنا اليومية، ولكن من منطلق إيماننا بما يجب أن نكون عليه فعلا وليس زورا أو كذبا ، وأن نعيش حياة صادقة ونقية تنسجم مع قيمنا الدينية والإنسانية وأخلاقنا وليس خوفا من مجرد كاميرا أو مراقبة افتراضية.
ــــــــــ
مدير مركز التدريب والتطوير
مدينة الإنتاج الإعلامي

زر الذهاب إلى الأعلى