حسن الشايب يكتب: من العتبة الخضرا إلى قناة السويس!
منذ ثورة يناير عام 2011 وما بعدها ، لم يتوقف سيل الشائعات المغرضة عن مصر وبيع أصولها ومرافقها الاستراتيجية والاقتصادية والأثرية والسياحية ، في حرب مستمرة هدفها إثارة البلبلة والفتنة وضرب وحدة وتكاتف الشعب المصري، بعد فشل كل المحاولات المباشرة وغير المباشرة للنيل من أمن واستقرار البلاد ، ونجاح مصر في القضاء على التنظيمات والجماعات الإرهابية المارقة في بعض مناطق محافظة شمال سيناء.
فمنذ قصة بيع “العتبة الخضراء” بوسط القاهرة، والتي تحولت عام 1959 إلى فيلم كوميدي شهير من تأليف جليل البنداري وإخراج فطين عبدالوهاب، وبطولة صباح وأحمد مظهر وإسماعيل ياسين، لم نسمع على مدار السنوات التالية للقرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين عن بيع ميدان رمسيس أو تمثال أبوالهول أو معابد الأقصر أو تأجير نهر النيل، حتى حدثت عاصفة يناير 2011 وما تلاها من شائعات لم تتوقف حتى يومنا هذا.
كان كثيرون في الخارج والداخل يراهنون على سقوط مصر بعد سنوات الفوضى وعدم الاستقرار التي عاشتها بعد ثورة 2011 ، فقد جربوا كل أنواع الحروب لإسقاط أم الدنيا، من عمليات إرهابية خسيسة ضد رجال الجيش والشرطة والمدنيين، إلى ضرب الاقتصاد ومحاولات “تطفيش” المستثمرين، ثم اللجوء إلى الحرب الإعلامية وبث الشائعات بأسلوب خبيث، مستغلين وسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تنقل شائعاتهم المسمومة للملايين في لمح البصر.
أبرز هذه الشائعات كانت عام 2013م، حول بيع الأهرامات السياحية (إحدى عجائب الدنيا السبع) لإحدى الدول العربية مقابل مبالغ مالية ضخمة، ورغم النفي القاطع لهذه الشائعة من المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، إلا إن الشائعة نفسها تكررت بنفس مضمونها عام 2018، ولكن مع تغيير اسم الدولة التي ستُباع إليها الأهرامات ! وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن إطلاق مثل هذه الشائعات ليست مصادفة أو من أفراد عاديين يركضون وراء الشهرة، وإنما وراءها دول وأجهزة أمنية واستخباراتية تدرك أهمية وخطورة تأثير هذه الشائعات على المجتمع المصري.
ولأن حرب الشائعات مستمرة ولا تتوقف، جاءت الشائعة الأكثر خطورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أوائل فبراير من العام الجاري، وهي تعاقد هيئة قناة السويس مع إحدى الشركات الإسرائيلية لإدارة خدماتها من خلال عقد امتياز مدته 99 سنة، حيث تم نشر عقد مزيف يحمل أختام وتوقيعات الدولة المصرية، وهو ما نفاه سريعا الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، والذي أكد السيادة المصرية المطلقة بشقيها السياسي والاقتصادي في إدارة وتشغيل وصيانة المرفق الملاحي لقناة السويس، والتزام الدولة بحماية قناة السويس وتنميتها والحفاظ عليها بصفتها ممرا مائيا دوليا مملوكا لها كما تلتزم بتنمية قطاع القناة باعتباره مركزا اقتصاديا مميزا.
وأتساءل: لماذا يستهدفون مصر وحدها بمثل هذه الشائعات المغرضة؟ فلم نسمع مثلا شائعة عن بيع تمثال الحرية في أمريكا، أو برج إيفل ومتحف اللوفر في باريس، أو تاج محل في الهند ، أو برج بيزا المائل في إيطاليا؟ إنهم يستهدفون تضليل الشعب المصري، في وقت تمر به مصر والمصريون بفترات صعبة يعانون فيها من غلاء فاحش في الأسعار، يتطلب منهم الكد والعمل لتوفير لقمة العيش وحياة كريمة، لا تعرِّضهم لأي نوع من المذلة والمهانة أو معايرتهم بالفقر من أحد، وهم الذين كانوا على مر التاريخ سندا وعونا لأشقائهم في الضراء قبل السراء!!